إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نحو نظرية نقدية لمفهوم الشرعية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الطائر التائه
عضو نشيط




ذكر عدد الرسائل : 90
العمر : 35
التخصص : الفلسفة
الدولة : العراق
تاريخ التسجيل : 26/02/2010

نحو نظرية نقدية لمفهوم الشرعية Empty
مُساهمةموضوع: نحو نظرية نقدية لمفهوم الشرعية   نحو نظرية نقدية لمفهوم الشرعية Empty6/6/2011, 3:17 pm

الباحث: محمد البوبكري
m.elboubkri@gmail.com


تندرج مسألة الشرعية على المستوى الموضوعاتي في إطار الفلسفة السياسية وفلسفة التواصل، أعني أن المقاربة التي سننهجها في هذا البحث ستستفيد من الامكانيات المنهجية والقدرة التفسيرية التي قد تتيحها مباحث الفلسفة المعاصرة في إضاءة مختلف جوانب هذه الاشكالية المعاصرة. أما على المستوى النظري العام فإنها تندرج في فلك الحداثة والتقليد بوصفهما أفقين للتفكير لا مفر للمرء من مجابهتهما، أعني محاولة الكشف عن أوجه التداخل والتخارج بين مختلف أنماط الشرعيات لغرض تصفية الذهن حول دلالاتها التاريخية كخطوة أولية وأساسية. ولقد تطلبت منا هذه المعطيات النظرية الأولية أن نستند إلى الأعمال التأسيسية لماكس فيبر(1864-1920)، الذي دشن القول في مسألة الشرعية، ووضع بذلك في قلب العلوم الإنسانية هذه الثنائية الجدلية (الحداثة والتقليد) والتي يمكن القول عنها، إنها تمثل الانشغال المحوري للفكر العربي المعاصر .غير أننا في دراستنا لهذه الاشكالية المعاصرة لن نسلك فقط مسلكا تاريخيا مقارنا على المستوى المنهجي، بقدر ما سنستند إلى الإمكانيات المنهجية والتحليلية التي تتيحها النظرية التواصلية عند يورغن هابرماس(1929- ) وأيضا كتابات المفكرين والفلاسفة من العرب والعجم. لقد كنا أوفياء لهذا النهج النظري خلال البحث الذي كنا قد أنجزناه لنيل شهادة الماستر في فلسفة التواصل في الفكر الغربي المعاصر .لذلك يعد مشروع هذا البحث عملا تكميليا للتعمق أكثر في مسألة الشرعية والإيغال بمزيد من الدقة في كتابات الفلاسفة والمفكرين المعاصرين.
وقد تعددت بواعث اختيارنا للنظرية التواصلية واللغة إجمالا في دراسة مسألة الشرعية، غير أن أبرزها المكانة المحورية التي تشغلها اليوم قضايا التواصل واللغة في تحليل وتشريح القضايا السياسية المعاصرة والآفاق التفسيرية التي تتيحها للباحث في الفلسفة السياسية المعاصرة. قلنا إن مسألة الشرعية تجد كامل دلالتها في فلك اللغة والتواصل، ونعني بذلك أن التواصل بمقتضياته المتنوعة يسوغ مسألة الشرعية على مستوى الأنظمة السياسية المعاصرة، كما أن جزءا كبيرا من استراتيجيات الفاعلين السياسيين يقوم على اللغة. لذلك فاللغة في القرن العشرين والواحد والعشرين تلعب ما لعبه التحليل النفسي الفرويدي عند انبعاثه في نهاية القرن التاسع عشر بوصفه علما للاشعور كان قد أحدث ولا يزال ثورة كوبرنيكية في طريقة فهمنا لمجال العلوم الانسانية، بمعنى أن فهمنا لنظم الشرعية وممارسة الحكم يرتبط بمدى قدرتنا على فهم منطق اللغة (المنطق غير الصوري) وآليات الخطاب، لأن اللغة قد توظف في بعض الأحيان للإخفاء أكثر منه للإبداء والإظهار.
لاشك أن تأصيل المفاهيم التي استعملها ولا يزال يستعملها العرب في مجالي السياسة ونظام الحكم يعد أحد المؤشرات الأساسية التي ينبغي الانطلاق منها؛ ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعودة إلى كتاباتهم وكذلك تفحص القواميس العربية التي تنقلنا إلى ميدان الثقافة لمحاولة الكشف عن طبيعة الثقافة السياسية التي كانت سائدة؛ لأن معرفة الماضي يعين بدون شك على فهم الحاضر الذي يحياه المواطن العربي. ولما كانت اللغة هي ما يعبر به القوم عن جميع أغراضهم وكانت أيضا ذاكرة الأمم التي تختزن طموحاتهم وأهدافهم، فإنها- أي اللغة- تمثل الوسيلة التي تدعم مسألة الشرعية. هل يمكن الحديث عن الشرعية بمختلف مكوناتها التاريخية، الدينية، الرمزية، الديمقراطية، من غير استحضار دور اللغة في تسويغ الحكم وممارسة السلطة السياسية.
بيد أنه إذا كانت مسألة الشرعية ترتبط في ذهن أغلب مستعمليها اليوم بالديمقراطية، فإن هذا الجانب يمثل فقط جزءا وجزءا مهما في اشكاليتنا. ويبقى جانب آخر أكثر أهمية وهو أن مختلف أنظمة الحكم في المجتمعات العربية، جمهورية كانت أو ملكية، ديمقراطية صاعدة أو تلك التي تنهج استبدادا متنورا توظف مسألة الشرعية لتسويغ الحكم، مما يعني أنها(أي الشرعية) تتعلق بممارسة الحكم وليس بالديمقراطية دائما. ويستتبع ذلك القول، إنه قد لا يهم الباحث على الإطلاق- على المستوى التحليلي- أن تكون الشرعية صحيحة أو باطلة، مادامت تساعد على اضفاء قدر من التماسك الاجتماعي على الدولة.
بيد أننا بابتعادنا عن محاولة تقييم مسألة الشرعية بالصحيح والباطل، الذي ينفي في الغالب امكانية تبلور “نظرية للشرعية”، لن يمنعنا من محاولة تقييم مختلف أنماط الشرعية بالاستناد إلى أحد المفاهيم الرائجة في الفكر الفلسفي السياسية المعاصر وهو مبدأ الصلاحية Validitéومفاهيم أخرى متنوعة..، إذ لا يمكن للمرء -في هذا الإطار- أن يعفي نفسه من محاولة القيام بمقارنات عديدة بين نظم الشرعية المختلفة للوصول إلى صفاء الذهن حولها. ولكي ينفذ المرء إلى منطق واليات و كذلك اواليات اشتغال نظام الشرعية يمكن أن يستلهم أيضا الإمكانيات التي تتيحها"الهرمينوطيقا النقدية" عند يورغن هابرماس والتي تمثل في تصوره مصفاة خطابية ومحركا معياريا يمكن في ضوئها تصنيف أنماط الشرعيات استنادا إلى وفائها أو عدم وفائها بمختلف مكونات ادعاءات الصلاحية خاصة مسألة الحقيقة Vérité التي تعد المجال المناسب للبحث عن مسألة الشرعية حيث الشرعية والحقيقة وجهان للعملة نفسها.
بناءً على هذه التمحيصات الأولية هل يصح للمرء مثلا أن يتحدث عن أزمة للشرعية في نظم الحكم في المجتمع العربي الإسلامي. لا شك أن القائل بذلك، ناهيك عن كونه يغلق جميع منافذ البحث والإيغال في ‘نظرية الشرعية’ فهو منكسر دون مطمحه، أي القول بأزمة الشرعية، لأن هذا القول واضح البطلان ومتناقض مع الواقع المشاهد الذي يوضح أن هناك ائتلافا بين الحاكم والمحكوم في وطننا العربي الإسلامي، وذلك إذا وقفنا عند مستوى التحليل الجاد والعميق وابتعدنا عن الأحكام العامة التبسيطية. لذلك ينبغي القول إن الأزمة تقع في مستوى الاستراتيجيات الحقيقة لمسألة الشرعية لأن ما يشكل مجالا للسجال غالبا هو علاقة الشرعية بمسألة الحقيقة أو ادعاءات الحقيقة. بيد أن المرء يود أن يتساءل عن أسباب هذا الإئتلاف والطاعة التي يدين بها المواطن العربي للسلطة والتي تجعل إمكانية الحديث عن أزمة للشرعية أمرا مستبعدا.
للإجابة عن هذا السؤال التمهيدي تنبغي العودة إلى التاريخ أولا لاستطلاع الماضي للإعانة على فهم الحاضر، ومن جهة أخرى الإستعانة بالقواميس العربية لأنها تنقلنا بصفة مباشرة إلى ميدان الثقافة لمعرفة طبيعة الثقافة السياسية التي كانت تروج في الماضي القريب. تعد هذه الخطوة أساسية لرصد التحولات التي تمت أو التي لم يستطع العرب المعاصرين تحقيق بعض جوانبها؛ فبقي جزء من الثقافة السياسية التقليدية رائجا إلى اليوم. إن فحص جميع هذه الجوانب هو الذي سيعيننا على التمييز بين المفارقات التي تتميز بها مسألة الشرعية بمختلف تلويناتها .
قلنا إن البحث سيستبعد من مجال اهتمامه الحديث عن أزمة الشرعية، لأنه يعنى أساسا بتشريح مختلف أنماط الشرعيات التي تستند إليها التيارات السياسية ونظم الحكم بمختلف مكوناتهما. لذلك يهمنا في هذا البحث للدكتوراه أن نتساءل عن الأسباب التي تمنع وجود أو تبلور نظرية حول الشرعية في مجتمعاتنا العربية الإسلامية ، بما أن النظرية تستدعي التوسل بالتاريخ كتطور واقعي، أعني محاولة التبرم من كل أشكال الطوبويات القديمة والمستحدثة التي تغدو في أغلب الأحيان عائقا أو حجابا يحجب العقل عن إدراك الواقع والحقيقة. لذلك سيحاول هذا البحث للدكتوراه بما سيتوفر له من أضواء أن يساهم في بلورة بعض ملامح نظرية نقدية حول مسألة الشرعية وذلك بإبراز أهم العقبات التي كانت تعيق ولا تزال بروز "نظرية الشرعية" قديما وحديثا. لم تكن مسألة الشرعية بدون شك غائبة في ذهن الفلاسفة والفقهاء القدامى ولم تكن أهميتها غائبة أيضا في ذهن كتاب الآداب السلطانية. كانت مسألة الشرعية حاضرة عند كل هؤلاء المفكرين، بيد أن هذه الأطراف كانت تطرح "مسألة الشرعية" في ثوب وصفي للمؤسسات الموجودة، حيث كان الفلاسفة مثلا يحكمون عليها بالاستناد إلى آرائهم الأخلاقية أو في نطاق "الطوبى"، أعني تحديد المثل العليا للحكومة أو الجمهورية كما نجد عند أفلاطون وأرسطو، أكثر من بحثهم عن مسوغات للسلطة تكون منبثقة من الواقع التاريخي للإنسان الواقعي. لذلك لم توضع مسألة الشرعية في أوروبا على الأقل موضع تساؤل إلا عندما دشنت مسارات جديدة للتأمل في فكرة" علمنة نظرية الشرعية". أما العامل الثاني الذي ساهم بشكل أو بآخر في عدم بروز نظرية للشرعية فمرتبط بنظام الكون نفسه، أعني أن طبيعة نظرتنا إلى الكون تحدد نظرتنا للتاريخ وللإنسان وللحقيقة. بعبارة أدق، إن مسألة الشرعية لم تكن تثير مشكلة في العهود السابقة لكون مسألة الحقيقة كانت صافية في ذهن الفلاسفة. لم نتعرض من قريب أو من بعيد لظروف وحيثيات هذا الوضع التاريخي الذي أثر بشكل أو بآخر في مسار التاريخ البشري مدة من الزمن والذي كانت له اليد الطولى في تعثر "نظرية الشرعية"، حيث إن غايتنا من هذا العرض المختصر هو استعراض نشأة المفهوم قبل الشروع في نقده وتحليله. يصح أن نعتبر هذا الوضع التاريخي القروسطي وقبل ذلك الأفلاطوني- الأرسطي بأنه عهد ما قبل نظرية الشرعية.كانت الحقيقة واحدة وثابتة فكانت الشرعية لا تاريخية.
هناك إذن جملة من الخطوات تفرضها علينا طبيعة البحث والتي ينبغي علينا أن نسترشد بها لكي نحقق المسعى الذي نبتغيه، فأما الخطوة الأولى، والتي أشرنا إليها لتونا، فتتجلى في الرجوع إلى الفكر السياسي القديم، عند العرب المسلمين من الفلاسفة والأدباء والفقهاء وكذلك عند المفكرين والفلاسفة الغربيين. وهكذا ستتم العودة إلى الفارابي، ابن مسكويه، وستتم العودة أيضا إلى مفكري الآداب السلطانية وبعض الفقهاء. ومن جهة أخرى سوف تتم العودة إلى ج. لوك(1632-1704)، توماس هوبز(1588-1679)...الخ. أما المرحلة الثانية والتي بدأت تتحدد فيها مفاهيم نظرية الشرعية السياسية في أوروبا فقد انطلقت رسميا في القرن الثامن عشر الأوروبي. وهي المرحلة نفسها التي سيخصص لها يورغن هابرماس كتابا مستقلا يفحص فيه نشأة مبدأ "العمومية"Publicité و الفضاء العمومي...الخ . هذه المفاهيم الفلسفية السياسية المعاصرة هي التي ستسمح لنا بتشريح وتحليل أفضل لمسألة الشرعية لأنها تحيلنا بشكل مباشر على ميدان الممارسة السياسية الإنسانية المستقلة عن أي قوانين أخلاقية تلزم المرء بالخضوع لها دونما فحص ونقد. وهكذا ستتم العودة إلى مفكري عصر "التنوير" الذين كان لهم الدور الأساس في نشر فكرة "الإصلاح" بالمعنى الواسع لكلمة إصلاح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نحو نظرية نقدية لمفهوم الشرعية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: