إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 «بنيوية» ليفي شتراوس والأنثروبولوجيا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

«بنيوية» ليفي شتراوس والأنثروبولوجيا Empty
مُساهمةموضوع: «بنيوية» ليفي شتراوس والأنثروبولوجيا   «بنيوية» ليفي شتراوس والأنثروبولوجيا Empty20/1/2009, 4:04 pm


بنيوية ليفي شتراوس والأنثروبولوجيا
بقلم: إبراهيم الحيدري

شهدت نهاية الستينات من القرن الماضي موجة بنيوية أخذت تتغلغل في الأوساط الثقافية والجامعية في فرنسا، وقامت بمحاولات لاحتلال مكانة الوجودية التي تزعمها سارتر من قبل، بعد ان طمستها حوادث أيار (مايو) 1968 التي قام بها الطلاب والشباب.

حدث التحول بعد أن نشر ليفي شتراوس Strauss C.Levi- بعض أعماله التي ارتبطت بمفاهيم لغوية - بنيوية، متأثراً بالمنهج الفونولوجي، وكذلك بنظريات المحلل النفسي لاكان وكتابات ميشيل فوكو وألتوسير. وقد تفجر النقاش بينه وبين سارتر بعد صدور كتابه «التفكير المتوحش» وظهور كتاب فوكو «الكلمات والأعمال «وكذلك كتاب لاكان «كتابات» ثم صدور كتاب ألتوسير حول «الرأسمال لماركس».

وفي الوقت الذي بدأت الفلسفة الوجودية بالأفول، بدأت أفكار شتراوس البنيوية تلفت الأنظار. وعندما لم تستطع محاولات سارتر أن تنقذ المبدأ الذاتي المثالي الذي دعا فيه الى أولوية الوعي الفردي، حاول شتراوس تقديم عناصر بديلة لفلسفة سارتر الوجودية.
تطور المنهج البنيوي في منتصف القرن الماضي ووضعت له طرائق بحث توضح كيفية دراسة اللغة كنسق وتحليلها بمعزل عن العوامل الاجتماعية. وكان مؤسس هذا المنهج هو دي سوسير الذي فصل اللغة عن الكلام واعتبرها قطعاً، بصرف النظر عن الزمان والمكان التي وجدت فيه وبه هذه اللغة. وهذا ما أكده أيضاً جاكوبسون في طريقة بحثه عن البنى اللغوية، حيث تصور ان اللغة ثابته مهما اختلفت اللغات المنفردة، التي تعتبر مبادئ أساسية للعقل البشري، وبمعنى آخر فإن اللغة لا تخضع للتأثير الزماني والمكاني، بعكس التحليل السوسيولوجي للغة، الذي يعتبرها وليدة بنية اقتصادية واجتماعية وثقافية.

والمنهج البنيوي مرتبط أساساً بتقنية تشتمل على عمليتين أساسيتين هما:
1- تجزئة البنية الى وحدات صغيرة ورمزية.
2- إعادة تركيب هذه الوحدات الصغيرة.
ويقوم المنهج البنيوي على اعتبار ان المعرفة العلمية هي شكل مصمم نصل إليه من طريق علاقته بالأشكال الأخرى بطريقة منهجية محددة، وأن للمفاهيم مضامين ولكنها في قالب أشكال. وهذا يعكس الاهتمام في الشكل من دون المحتوى، على رغم أن هناك علاقة بين المضامين والأشكال من دون تحديد واضح للشكل والمضمون فيهما.

وكان شتراوس عمل في جامعة السوربون وأنجز عدداً من الدراسات الميدانية وفي كثير من المجتمعات البدائية. وكان قد تأثر برادكليف بروان ومالينوفسكي، مثلما تأثر بماركس ودركهايم وكذلك بالدراسات اللغوية البنائية (اللسانيات) ومنهجها الفونولوجي وبصورة خاصة بمدرسة براغ وبأهم روادها وهم تروبتسكي ودي سوسير وجاكوبسون. وحاول إيجاد طرق بحث جديدة لأنثروبولوجيا جديدة من طريق استخدام البنيوية اللغوية، خصوصاً المنهج الفونولوجي، كما استخدم مختلف الآليات المرتبطة به من أنساق ورموز.
ومن المهم ان نشير الى أن شتراوس نقل مفهوم البنية من المنهج الفونولوجي الى الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع، باعتبار ان اللغة تعبر عن مجموعة مركبة من بنيات لا شعورية تتمتع فيها الألفاظ بمقدار من العلاقات بين الألفاظ وبأهمية واحدة وتضع الكائن البشري في المرتبة الثانية بعد البنية الاجتماعية من حيث الأهمية. وقد عرّف شتراوس البنية بأنها «مفهوم يحدد شكل البناء أو نوعه كما يحدد أجزاءه، كما هو معطى، وكذلك يحدد العلاقات التي تربط بين أجزائه».

ويقوم المنهج اللغوي البنيوي على دراسة الأصوات وظيفياً من حيث نسقها اللفظي، على أنه كل متماسك ترتبط أجزاؤه بعلاقات متبادلة، وأن كل تحول لفظي، أو تغير في الألفاظ، هو تحول نسقي له طابع بنيوي. والطابع البنيوي هو طابع، غير شعوري وغير مقصود، وتعتبر الألفاظ فيه عناصر بنائية.
نقل ليفي شتراوس المنهج الفونولوجي الى الأنثروبولوجيا، محاولاً صوغ قوانين تحدد العلاقات الضرورية بين البنيات الاجتماعية اللاشعورية أو جزئيات البناء الاجتماعي كما في علم اللغات. كما ربط شتراوس بين البنيات الثقافية وبين بنيات اللغات، «لأن هناك علاقات بين الظواهر الواقعية في أي بنية اجتماعية مع الظواهر الأخرى، وفي مجتمع آخر، ومن النموذج نفسه».

وبهذا يقرر شتراوس أن «البنية اللغوية تقرر كل العوامل الاجتماعية». وأن علم الاجتماع لا يستطيع بموجب ذلك ان يتوصل، من طريق الاختلافات في معاني اللغة، الى أساليب وأنماط الحياة الاجتماعية والظروف المصلحية والمؤسسات والطبقات» ولكنه يستطيع ان يحدد العلاقات البنائية من طريق تحديد الأشكال البنائية في اللغة ودراسة بنيتها غير الواعية. فالعالم اللغوي يحلل البنية التحتية للغة، وهي بنية لا شعورية، ويقيم علاقات بين ألفاظ لم تكن مدركة إدراكاً مباشرًا. فمثلاً إن أصل كلمة «خال» تعطي إيحاءات كثيرة وبصورة خاصة الى عالم الاجتماع وعالم الأنثروبولوجيا. وهكذا استطاع المنهج الفونولوجي في اللغات - بحسب شتراوس - صياغة قوانين تحدد العلاقات الضرورية التي تربط بين مفردات اللغة، التي هي علاقات غير واعية.

المجتمع مثلاً يتكون من سلسلة من البنيات، كاللغة، وقواعد الزواج، ونظم القرابة، والعلاقات الاقتصادية، وكذلك العلم والفن، وهي كلها تمثل بنيات مترابطة في ما بينها، غير ان هذه البنيات غير متماثلة، ولكنها متعادلة. وبمعنى آخر لا تهيمن الواحدة منها على الأخرى. وبهذا ينظر شتراوس الى البنية كنظام يتحكم في العناصر الداخلة فيه أو جزئيات البناء الكلي، من حيث وجودها، وقوانين تغيرها وتحولها. وبذلك تصبح البنية مفسرة لمجموعة من العلاقات الاجتماعية.
قادت بحوث شتراوس الميدانية على المجتمعات البدائية مثل قبائل نامبكوارا وعدد آخر من قبائل الهنود الحمر في البرازيل الى إبراز الدور المعقد الذي تلعبه علاقات القرابة التي تقوم بالدرجة الأولى على نظام منع زواج المحارم والزواج الخارجي. واعتقد شتراوس أن هـذه العلاقـات نقـلت البـشرية من كائنات طبيعية الى كائنات ثقافية، أي أصبحت كائنات إنسانية، نوعية.

وعلى هذا الأساس يصبح نظام القرابة والزواج قاعدة لكل الطرق الأخرى الممكنة وعلى اختلاف النماذج التاريخية والجغرافية. وهذا التحليل البنيوي هو تحليل قريب من التحليل الذي يستعمله اللغوي والذي يجعل من اللغة قاعدة عالمية. ورأى شتراوس أن البنيات تتميز بطابع ثنائي, وأن كل بنية تتميز بانقسام الجماعات أو القبائل الى نصفين، أو شكلين من العلاقات يضمان سلوكين مختلفين لا شعوريين: ودية وعدائية، خفية وواضحة، وكذلك ثنائيات متقابلة: حار وبارد، عدو وصديق وغيرها.
نشرت بجريدة الحياة عدد 20 يناير 2009
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
«بنيوية» ليفي شتراوس والأنثروبولوجيا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأنثروبولوجيا البنيوية لكلود ليفى شتروس
» كلود ليفى شتراوس 100 عام من الجدل
» حفريات المعرفة ميشيل فوكو
» مؤلفات الفيلسوف الفرنسى المسلم روجيه جارودى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: