إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تبديد الوقت وهدر الموارد بقلم عزالدين مبارك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوالراشدات
عضو نشيط




ذكر عدد الرسائل : 66
العمر : 68
التخصص : اقتصاد
الدولة : تونس
تاريخ التسجيل : 11/08/2011

تبديد الوقت وهدر الموارد بقلم عزالدين مبارك Empty
مُساهمةموضوع: تبديد الوقت وهدر الموارد بقلم عزالدين مبارك   تبديد الوقت وهدر الموارد بقلم عزالدين مبارك Empty24/3/2015, 3:38 pm

تبديد الوقت وهدر الموارد
بقلم عزالدين مبارك

تستعجل الدول الساكنة في لحظة التاريخ الراهنة والتواقة لغد أفضل والتي تعيش عصرها وتتفاعل معه بكل ندية واستحقاق ساعة الزمن التي لا تتوقف وتسابق سرعة الضوء ونحن نتعثر في كل منعطف ونتوقف لننام دهرا وعندما نفيق نجد أن العالم قد تغير وأننا أصبحنا من الماضي ولم تعد لنا مكانة في التاريخ ولم تبق لنا غير فتات من الجغرافيا الملتهبة والآيلة للسقوط والتشظي.
فنحن نهتم بالقشور الفارغة و نتكلم بلا حساب ونركض وراء الأحلام المجنحة ونمضي الوقت في حبك الدسائس وتعلم فنون الحيلة والصيد في الماء العكر والتربع على الكراسي الوثيرة وانتظار مفاعيل القدر. فالمجتمع العربي يعيش خارج التاريخ ونخبه موغلة في الايديولوجيا اللاواقعية والأمية الفكرية مستفحلة فيه كالمرض العضال وليس هناك من يقبل النقد والمجادلة بصدر رحب إلا ما ندر. وقد تغيرت المفاهيم إلى درجة أن أصبحت القيم النبيلة سبة وشتيمة وعنوانا للتخلف وغدا عرف البلطجية وسوء المعاملة قانونا يمكن من الارتقاء وصعود السلم الاجتماعي.
فقد حلت بنا لعنة التاريخ منذ زمن بعيد بعد أن تركنا مصيرنا لغيرنا فعاثوا فسادا في القيم المجتمعية فحكمتنا الأمم العابثة وقهرتنا وعاشت على ظهورنا دهورا طويلة وسلمت رقابنا للأوغاد والديكتاتوريات والاقطاع العائلي بعد أن سلبت ثروتنا وحطمت إرادتنا واستقلالنا ورمتنا في غياهب التخلف وبئس المصير.
وبما أن الدولة التي جاءت بعد الاستقلال هي دولة لبعض الأشخاص والزعامات وتابعة بحكم الحاجة والضرورة للغير فقد كرست في صيرورتها منطق المحسوبية والجهوية فأنتجت سياستها المنحازة تنمية مشوهة وتفاوتا طبقيا اتسع مع مرور الوقت حتى أصبحت الفوارق الاجتماعية مستفزة ويصعب ردم الهوة والثروة قد تكدست بين أيدي القلة.
وهكذا تغولت الطبقات المتنفذة والمتحالفة مع السلطة المتفحمة وانقشع ضباب الخداع فظهر ما كان مخفي ومحزن بحيث تأكد زيف ما كان حقيقة مطلقة وكأننا نحرث في البحر إلى أن حلت الفاجعة وعدنا إلى نقطة الصفر وقد أضعنا وقتا ثمينا لا يقدر بثمن. والجميع يبحث عن موقع يحصن به نفسه فتعددت الأحزاب والنحل وكانت كالحفلة التنكرية تأتي الوجوه ثم تغيب ولا ترى طحينا غير الكلام المباح.
كما أن اتباع النظام البرلماني ليس في صالح الفعل الاقتصادي وعملية الانجاز واتخاذ القرار لأن الهشاشة العددية لبعض الأحزاب الحاكمة وحتى في المعارضة تؤدي في غالب الأحيان إلى التعطيل المتعمد من أجل الفوز بالغنيمة والبقاء في المشهد السياسي دون فائدة تذكر بالنسبة لرفاهية المجتمع. فالعملية السياسية برمتها طغى عليها الارتجال والتجريب والتخريب وحتى من يتشدق بالدستور، فقد ولد من رحم المعاناة والهزات الاجتماعية والمدنية ثم إلى حد الآن لم تتحول بنوده الملغومة إلى واقع معيش وقرارات نافذه تغير وجه الحياة بالملموس.
ومن نافلة القول أن نكتب ما نشاء للتباهي والزخرفة والحذاقة اللغوية دون أن يكون لذلك أي مفعول على أرض الواقع وكأنه ترف سياسي لا طائل منه على الإطلاق سوى للمحاججة ولغو الكلام.
والتلهف على المناصب بعد أن كانت حكرا على مجموعة معينة أصبح عنوانا لمرحلة طال أمدها واشتد سوق التوزير والتنصيب على المقاسات وحسب السير الذاتية المنتفخة وقد رأينا العجب العجاب في تعدد المستشارين لاسترضاء الأحزاب والمريدين وكأن المال العام بلا رقيب وحسيب.
ووقع تبذير الكثير من المال بدون فائدة دون إدخال الإصلاحات الضرورية على مستوى المداخيل الجبائية بالخصوص ومحاربة التهريب والفساد عوض الهروب إلى الأمام بالدخول في عملية تداين غير مسبوقة وتعريض الدولة لمخاطر الافلاس والتبعية.
وكان التصرف في المالية العمومية والتوظيف للموارد البشرية والحوكمة الاقتصادية هدرا للموارد الثمينة بحيث تفاقم العجز ولم تتحقق التنمية المستدامة والتطور الاقتصادي المنشود. ونسمع الآن من يتحدث عن شد الأحزمة لأننا دخلنا منطقة العواصف والبروق وبات من الضروري الشروع في إصلاحات جد مؤلمة كالتخلي عن الدعم والتحرير الكلي للأسعار وتسريح العمال وكلنا يذكر أيام الشؤم الذي عشناها مع الإصلاحات الهيكلية في ثمانينات القرن الماضي.
فبعد أن تم نهش عظام الدولة وتفقيرها ورميها لقمة سائغة للمؤسسات المالية العالمية عن طريق إغراقها في الديون سيتم القضاء نهائيا على الطبقة الوسطى لتتحول إلى طبقة المهمشين والفقراء والمتسولين وبذلك نكون قد دخلنا عصرا جديدا شديد الخطورة يتحكم فيه قانون الغاب والمال والفساد والصعلكة السياسية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تبديد الوقت وهدر الموارد بقلم عزالدين مبارك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدعم وهدر الموارد بقلم عزالدين مبارك
» الخيبة بقلم عزالدين مبارك
» الخيبة بقلم عزالدين مبارك
» جذور الإرهاب بقلم عزالدين مبارك
» بورقيبة في ميزان التاريخ بقلم عزالدين مبارك*

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى المكتبــات المتخـصـصـة
 :: 
مكتـبـة الاقتصاد والعلوم الســـياســية
 :: 
المكتـبـة الاقتصادية والسياسية أجنبى
-
انتقل الى: