إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حقوق الإنسان أم حقوق الخصوصية؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

حقوق الإنسان أم حقوق الخصوصية؟ Empty
مُساهمةموضوع: حقوق الإنسان أم حقوق الخصوصية؟   حقوق الإنسان أم حقوق الخصوصية؟ Empty14/12/2008, 10:32 pm

حقوق الإنسان أم حقوق الخصوصية؟
بقلم/ السيد ولد اباه
احتفل العالم هذا الأسبوع بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يشكل المرجعية المعيارية للمنظومة القانونية المعاصرة. وعلى الرغم من أن الإعلان اعتبر عند صدوره مجرد مبادئ أخلاقية مثالية غير ملزمة، إلا انه تحول تدريجيا الى نمط من «العقد المقدس» الذي تنص عليه تقريبا كل دساتير الدول، كما شكل الإطار الموجه للتشريعات والنظم القانونية والاتفاقيات الدولية.
وقد وجهت إليه في البداية ثلاثة أصناف من الانتقادات نشير إليها باقتضاب:
ـ تهمة المركزية الثقافية، بمعنى انه يعكس الرؤية الغربية لحقوق الإنسان التي تقوم على المقاربة الفردية والنظرة العلمانية للشأن الجماعي. نلمس هذا الانتقاد بجلاء لدى بعض الكتاب الإسلاميين الذين يتحفظون على بعض المبادئ الرئيسية في الإعلان، كحرية العقيدة والمساواة المطلقة بين الجنسين وعدم التمييز على أساس ديني او نوعي. كما نجد النقد ذاته لدى بعض الكتاب الآسيويين (الصينيين على الأخص) الذين يعتبرون أن الإعلان لا يعكس قيما كونية حقيقية، باعتبار انه يطرح المفهوم الفردي للإنسان في مقابل التصور الجماعي الذي تتبناه الثقافات الآسيوية.
ـ تهمة المركزية البورجوازية، بمعنى انه يدافع عن مصالح طبقة اجتماعية مسيطرة هي الطبقة المالكة للرأسمال والمتحكمة في وسائل الإنتاج. نلمس هذا النقد في الخطاب اليساري (الماركسي على الأخص)، وكان هو الموقف الرسمي للأنظمة الشيوعية في عهد الصراع القطبي أيام الحرب الباردة. ولئن كان هذا الصنف من النقد قد تراجع في الآونة الأخيرة إلا أنه استمر في صيغ جديدة: المطالبة بتوسيع إطار حقوق الإنسان ليشمل الحقوق الجماعية والثقافية والمدنية التي لم ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ـ تهمة الازدواجية في التعامل مع معايير حقوق الإنسان، التي لم تصبح بعد عنصرا محددا في العلاقات الدولية، على الرغم من التطور الذي لوحظ بعد الحرب الباردة كإنشاء المحكمة الجنائية الدولية لمعاقبة جرائم انتهاك حقوق الإنسان وإقرار مبدأ التدخل الإنساني في حالات خاصة. ولا يزال هذا التحول يصطدم بمعيار احترام سيادة الدول في تسيير شؤونها الداخلية الذي هو المبدأ المؤسس للعلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية.
ومن الواضح أن الانتقادات الثلاثة ترد على نطاق واسع في الخطاب العربي، من منطلقات متمايزة: حق الخصوصية الثقافية، والحقوق الاجتماعية والمدنية، والحقوق السيادية للأمة.

وسنكتفي هنا بالوقوف عند المحور الأول، ملاحظين أن التحفظات التي تطرح بخصوص مدونة حقوق الإنسان من منطلقات دينية لا تتجاوز في الحقيقة مبدأين هما حرية العقيدة لما يترتب عليها من حق تغيير الدين وحق المساواة الكاملة دون مراعاة الاختلاف في المعتقد والملة، والمساواة بين الجنسين لما تطرحه من إشكالات فقهية من منظور الأحكام الواردة في النص الشرعي بخصوص الزواج والتركة والشهادة..
وقد سلك الفقهاء المعاصرون إزاء هذا الموضوع مسلك القول بالتقابل بين النظرتين الإسلامية والغربية للإنسان مما عكسه «الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان» الذي أصدره في الثمانينات بعض أبرز وجوه الفكر الإسلامي. إلا أن التحليل المعمّق للمسألتين الإشكاليتين من منظور فقهي منفتح يبيِّن أن مبدأي حرية العقيدة والمساواة بين الجنسين هما من ثوابت وكليات التصور الإسلامي. وفي الاجتهاد سعة لمراجعة «حد الردة» الذي أنكره بعض الفقهاء المتبصرين قديما وحديثا (من آخرهم طه جابر العلواني الذي كتب مؤخرا كتابا جليلا في الموضوع)، لاعتبار ان هذا «الحد» هو نقطة التصادم الوحيدة مع حرية العقيدة كما أقرتها مدونة حقوق الإنسان الراهنة. أما إشكالات التمييز على أساس الجنس، فلئن كانت مطروحة بالفعل في النص، إلا ان السياق التأويلي الاجتهادي كفيل بتجاوز كثير من الأحكام الظنية التي عكست الأعراف والتواضعات الاجتماعية وحملت البصمة الذكورية المهيمنة على العقل الفقهي الكلاسيكي.
إن ما نريد ان نخلص إليه هو ان المسلمين بحاجة اليوم الى الاستناد الى مدونة حقوق الإنسان والدفاع عنها بقوة، ليس فقط انسجاما مع مرجعيتهم العقدية والحضارية، وإنما باعتبارهم من الضحايا الرئيسيين لانتهاكات حقوق الإنسان، أفرادا وشعوبا.. وليس حق الخصوصية الثقافية بمبرر مقبول للوقوف ضد هذه المعايير الكونية.
نشرت بجريدة الشرق الأوسط عدد 12 ديسمبر 2008
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
حقوق الإنسان أم حقوق الخصوصية؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
قضــــايا ومنــاقـشــــات فى كل المجالات
-
انتقل الى: