إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المدرســـة النـقـديـة فى علم الاجــتماع العربى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

المدرســـة النـقـديـة فى علم الاجــتماع العربى Empty
مُساهمةموضوع: المدرســـة النـقـديـة فى علم الاجــتماع العربى   المدرســـة النـقـديـة فى علم الاجــتماع العربى Empty6/12/2011, 4:14 pm




المدرســـة النـقـديـة فى علم الاجــتماع العربى
الأستاذ الدكتور سمير نعيم أحمد نموذجاً
دراسة نقدية بقلم/ فرغلى هـارون

هناك من العلماء من يتجاوز تأثيره مجرد ما يقدمه من أعمال أو أفكار أو دراسات أو مؤلفات، وإنما يتعدى ذلك إلى أن يصبح هو نفسه بشخصيته وأفكاره محوراً لاتجاه فكرى مميز، أو مدرسة فكرية تميزه وتميز أتباعه وتلاميذه عن غيرهم من الباحثين والعلماء فى نفس المجال.
ويمكننى القول، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الدكتور سمير نعيم أحمد أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، هو أحد هؤلاء الأفذاذ الذين تعدى تأثيرهم الفكرى إلى غيرهم، ليصبح لهم اتجاهاً خاصاً فى الدرس والبحث، يشكل بمصدره الأساسى – سمير نعيم بشخصيته وأفكاره – وروافده العديدة – تلامذة سمير نعيم واسهاماتهم – مدرسة نقدية متميزة فى علم الاجتماع المصرى خاصة، والسوسيولوجيا العربية على وجه العموم.



فمنذ بداياته الفكرية والعلمية الأولى فى ستينيات القرن الماضى، وضع سمير نعيم نصب عينيه هدفاً رئيسياً، جعله قبلته التى لا يحيد عنها، وهو أن يكون علمه وبحثه وفكره، بل وحياته وكيانه كله، فى خدمة الإنسان المصرى والعربى، من أجل الارتقاء بوعيه ومحاربة عوامل التزييف المتعددة التى تحيط به، حتى يخرج من حالة السبات العقلى التى أصابته، وينفض عن روحه وعقله غبار الغفلة والتخلف، ليكون أهلاً للمكانة التى يستحقها بين شعوب العالم.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف الرئيسى، اختار سمير نعيم أن ينحاز إلى العقل النقدى، الذى لا يقبل بالأمر الواقع، ويرفض التسليم للقهر أياً كان مصدره. اختار أن يكون علمه وفكره فى صف الناس، معهم وبهم ولهم، لم ينسق مثل كثيرين غيره وراء بريق الإغراءات المادية أو السلطة أو المنصب أو الجاه، وإنما جاءت اسهاماته العلمية والفكرية لتؤكد على انحيازه التام إلى النقد الاجتماعى الثورى، الذى يجعل من نقد الواقع الخطوة الأولى لتثويره وتغييره بما يحقق إنسانية الإنسان وكرامته وحريته.
ورغم عمله كباحث فى علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية منذ 1965 وحتى حصوله على درجة الدكتوراه فى علم الإجرام الاجتماعى من نفس الجامعة عام 1967، إلا أنه لم يقع مثل غيره فى فخ تمجيد الثقافة الغربية والعلم الأمريكى الذى نهل منه، وإنما استطاع بنزعته النقدية أن يحصن نفسه من هذا الوهم الذى يسيطر على الكثيرين من الدارسين العرب فى بلاد الغرب المختلفة، وتبدى ذلك بوضوح فى نقده لعلم الإجرام الأمريكى ذاته الذى تتلمذ عليه، فى دراسة نقدية متميزة بعنوان: الصورة الراهنة لعلم الإجرام الأمريكي، والتى نشرت بالمجلة الجنائية القومية عام 1971.


وكان قد سبق هذه الدراسة، ولحقها أيضاً، بمجموعة من الدراسات الاجتماعية المتميزة التى يتضح فيها اتجاهه النقدى الاجتماعى، والتى حاول من خلالها لفت الأنظار إلى أهمية وضع البناء الاجتماعى الكلى بعلاقاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فى بؤرة الوعى عند بحث قضايانا المختلفة، وجاء على رأس هذه القضايا قضية التنمية الاجتماعية، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فى المجتمعات العربية عامة والمجتمع المصرى على وجه الخصوص، نذكر من هذه الدراسات المتميزة: الطفولة صانعة المستقبل عام 1963، الاستثمار في العلم وفى الإنتاج عام 1970، التحديات الاجتماعية للتنمية عام 1977، التحديات الاجتماعية للتنمية والمشكلات الاجتماعية عام 1979، ثقافة الديمقراطية والتنمية وقيم القطاع الثالث عام 2004.


كما انشغل سمير نعيم بعلم الاجتماع ذاته فى الوطن العربى، محاولاً لفت انتباه الباحثين الاجتماعيين لأهمية وضرورة تطوير أنفسهم وأدواتهم لتكون أكثر ملائمة لدراسة قضايانا العربية، والارتقاء بوعيهم تجاه قضايا مجتمعنا العربى بما يتلاءم مع خصوصية المجتمع العربى وتميزه عن غيره من المجتمعات الغربية، التى كانت أغلب تنظيرات علماء الاجتماع العرب وتحليلاتهم الاجتماعية مستمدة منها، فنشر العديد من البحوث والدراسات، وشارك ورأس العديد من الندوات والمؤتمرات، التى ساعدت على بلورة فكر نقدى جديد فى علم الاجتماع العربى، وكانت عاملاً أساسياً فى الارتقاء بوعى العديد من الباحثين والدارسين فى مجال علم الاجتماع من العرب، نذكر من هذه الدراسات والمؤتمرات: علم الاجتماع والأيديولوجيا عام 1971، الاتجاهات النظرية في علم الاجتماع ومدى ملائمتها للوطن العربي عام 1981، واقع ومستقبل بحوث علم الاجتماع في الوطن العربي عام 1983، بحوث علم الاجتماع والالتزام بقضايا الإنسان العربي عام 1984. وتوج هذا الاهتمام النظرى بعلم الاجتماع بكتابيه الرائدين: النظرية فى علم الاجتماع، والمنهج العلمى فى البحوث الاجتماعية، واللذين وجدا من القبول والحفاوة من دارسى علم الاجتماع خاصة، والمثقفين المهتمين بالعلم الاجتماعى عامة، ما جعل طبعاتهما تنفد بمجرد صدورها، وما جعلهما مرجعاً رئيسياً لدارسى وباحثى علم الاجتماع فى الوطن العربى كله، منذ سبعينيات القرن الماضى وحتى الآن.


كما اهتم بالدراسة الاجتماعية للسلوك الإجرامى، وعلاقته بالقانون والبناء الاجتماعى، محاولاً من خلال اسهاماته النقدية التشديد على دور القانون فى عملية الضبط الاجتماعى، وعلى تأثير البيئة الاجتماعية العامة، وأثر العلاقات الاقتصادية الاجتماعية والانتماءات الطبقية على الظواهر القانونية وما يرتبط بها من سلوكيات جانحة أو منحرفة أو إجرامية، وقد تبلور هذا الاهتمام فى مجموعة متنوعة من الدراسات والمؤلفات التى جعلت من هذا الموضوع محوراً لها، نذكر منها: الأساس النظري لأجهزة كشف الكذب عام 1962، بناء الأسرة وتكوين الجُناح عام 1964، الانحراف الاجتماعي وواقع البلدان النامية عام 1976، إدمـــان المخــدرات بين اختلال الفرد واختلال المجتمع عام 1986، المحددات الاقتصادية والاجتماعية للتطرف الديني: حالة مصر عام 1990، احتواء قيم وأيديولوجيا العنف علي ضوء المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية عام 2002، المواجهة الاجتماعية الشاملة لمشكلة انتشار تعاطى وإدمان المخدرات عام 2005. ويتوج كل هذه الدراسات كتابيه الرائدين: الدراسة العلمية للسلوك الإجرامي الذى صدرت طبعته الأولى عام 1968، وعلم الاجتماع القانوني الذى صدرت طبعته الأولى عام 1982، واللذين وجدا أيضاً من القبول والحفاوة، ما جعل طبعاتهما تنفد بمجرد صدورها، وما جعلهما مرجعاً رئيسياً لدارسى وباحثى علم الاجتماع، والمهتمين بالسلوك الإجرامى واجتماعيات القانون فى الوطن العربى كله، منذ صدورهما وحتى الآن.


كذلك فقد أولى الدكتور سمير نعيم، اهتماماً بالغاً باستخدام منهجه الاجتماعى النقدى، فى دراسة القيم الاجتماعية للشخصية المصرية والعربية، فى خصائصها، وتغيراتها. وكان لمنهجه النقدى أثراً بارزاً فى إلقاء الضوء على العديد من المناطق الهامة والجوانب الرئيسية فى الشخصية المصرية والعربية عامة، وما تحمله من قيم وثقافة، وما يطرأ عليها من تحولات جوهرية مرتبطة بتحولات البناء الاجتماعى الاقتصادى وعلاقات القوة فى المجتمع. ومن أهم الدراسات التى قدمها سمير نعيم حول هذا الموضوع: بعض ملامح الحياة الاجتماعية بواحة سيوة عام 1978، حرب أكتوبر وبناء الإنسان المصري عام 1980، أنساق القيم الاجتماعية ماهيتها وظروف تشكلها وتغيرها في مصر عام 1982، أثر التغيرات في المجتمع المصري خلال حقبة السبعينات على أنساق القيم الاجتماعية ومستقبل التنمية عام 1983، الشخصية العربية والتحدى الحضاري عام 1983، الشباب وقيم العمل المنتج عام 1984، التغيرات البنائية فى المجتمع المصرى والهجرة الريفية والحضرية عام 1991، الانحراف بالإبداعية عام 1992، أنساق القيم الاجتماعية بالوطن العربي عام 1995، احتواء قيم وأيديولجيا العنف علي ضوء المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية عام 2002، منظومة القيم والواقع الاجتماعي بين تكريس الراهن وتحقيق المأمول عام 2005، التغيرات البنيوية فى المجتمع المصرى وانعكاساتها على أنساق القيم فى النصف الثانى من القرن العشرين عام 2007، السمات الشخصية للمصريين بين الثبات والتغير عام 2010.


ويمثل كتابه الفذ (أهل مصر- دراسة في عبقرية البقاء والاستمرار) الصادر فى طبعته الأولى عام 1993، علامة فارقة فى دراسات الشخصية المصرية التى تستند إلى المنهج السوسيولوجى النقدى، وهو ما جعل العديد من النقاد يقارنون بينه وبين العلامة الراحل الدكتور جمال حمدان فى دراسته الموسوعية شخصية مصر. أما درة التاج فى دراسات سمير نعيم حول المجتمع المصرى وقيمه وثقافته فقد تمثلت فى كتابه الأخير الصادر عام 2011 بعنوان: (ثورة 25 يناير وثقافة الاستهانة)، والذى أعاد فيه التأكيد على مسلماته الأساسية التى قضى عمره كله منحازاً لها، والمتمثلة فى ضرورة إعلاء شأن الإنسان المصرى وكرامته وحريته على كل اعتبار وفوق كل سلطة، كما أوضح فيه بالنقد والتحليل الطبيعة الحقيقية للشخصية المصرية الأبية التى ترفض الظلم وتضحى بكل شيء فى سبيل الحرية والكرامة والعدالة.


وبخلاف هذه الخطوط العريضة فى مسيرة الدكتور سمير نعيم الفكرية والعلمية، فقد أهتم أيضاً بالعديد من الظواهر الاجتماعية المستحدثة التى أخذت تدريجياً تحتل مكاناً بارزاً فى مجال البحث السوسيولوجى المعاصر، مثل دراسات العولمة وحقوق الإنسان وعلم اجتماع الجماهير أو العامة، وهو ما تبدى فى العديد من بحوثه وترجماته الحديثة، مثل دراساته الممتعة حول العولمة وأثرها على حقوق الإنسان فى الدول النامية أو دول الجنوب مقارنة بالدول المتقدمة أو دول الشمال والتى قدمها أمام الجمعية الدولية لعلم الاجتماع فى مؤتمراتها المتتالية والتى رأس بعض جلساتها، منذ عام 1998 وحتى الآن، وكان آخرها البحث الذى قدمه بمدينة جوتنبرج بالسويد إلى المؤتمر الدولي السابع عشر للجمعية الدولية لعلم الاجتماع في يوليو 2010، بعنوان: The Impact of Globalization on a Southern Cosmopolitan City (Cairo). إضافة إلى شروعه فى ترجمة بعض الكتب الأساسية التى تؤسس لفرع حديث الظهور من علم الاجتماع وهو ما يطلق عليه علم اجتماع العموم Public Sociology، والذى يجعل قضيته الرئيسية هى التوجه إلى عموم الناس ودراسة مشاكلهم واهتماماتهم وقضاياهم، وأيضاً مخاطبتهم بلغتهم، والابتعاد عن التحصن فى أبراج العلماء العاجية التى تعزلهم عن عموم الناس.


وهكذا، يتضح لنا من العرض السابق، أن الانتاج الفكرى والعلمى للدكتور سمير نعيم، منذ بداياته العلمية فى ستينيات القرن الماضى وحتى الآن، قد حافظ على نفس الخط المنهجى العلمى، الذى يلتزم بالمنهج النقدى فى الفكر والعلم الاجتماعى، ويساهم فى تطويره وتطويعه ليكون أكثر ملائمة وتوافقاً مع خصائص مجتمعنا العربى عامة والمصرى على وجه الخصوص. ذلك المنهج الذى اتخذه سمير نعيم كأداة علمية يستطيع من خلالها دراسة وتحليل ونقد الواقع الاجتماعى العربى والمصرى، بكل أبعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، لكشف ما به من مواطن القوة والعمل على تعزيزها وحسن استغلالها، وأيضاً ما به من مواطن الضعف أو أوجه الخلل والزيف والعمل على علاجها والتصدى لها.
ولم تتوقف المدرسة النقدية للدكتور سمير نعيم عند حدود شخصيته العلمية أو إسهاماته الفكرية والنقدية فى العلم والمجتمع، وإنما مثَّل كل ذلك الرافد الأساسى والمنبع الصافى الذى نهل منه العديد من الباحثين فى مجال العلم الاجتماعى، سواء من تتلمذ منهم على يديه مباشرة فى مرحلة الدراسات العليا، أو من تتلمذ على كتاباته وفكره وتبنى اتجاهه العلمى وأصبح من اتباعه ومريديه، وتتمثل فروع هذه المدرسة التى أسسها سمير نعيم فى العديد من تلاميذه المنتشرون فى مختلف الجامعات ومراكز البحوث فى مصر وغيرها من الدول العربية، محافظين على منهجه السوسيولوجى النقدى، ومساهمين بدورهم فى نشر الفكر الاجتماعى النقدى فى ربوع الوطن من خلال ما يقومون به من دراسات أو مؤلفات أو من خلال تدريسهم المباشر فى الجامعات المختلفة.


وبنظرة سريعة على بعض عناوين رسائل الماجستير والدكتوراه التى أشرف عليها الدكتور سمير نعيم وأنجزها تلامذته، يمكننا اكتشاف ذلك الخط النقدى الذى يجمعها، ويميزها عن غيرها فى مجال البحث السوسيولوجى، نذكر منها عناوين الرسائل العلمية التالية: العلاقة بين التحول الاجتماعى وبناء القوة فى القرية المصرية - معوقات التنمية فى القرية المصرية - بعض المحددات البنائية لوعى المرأة المصرية - الاعلان التلفزيونى وعلاقته بالقيم فى ظل الانفتاح الاقتصادى - الآثار الاجتماعية للتحولات الاقتصادية في المجتمع الجزائري- الوعي الاجتماعي للطبقة العاملة الجزائرية - الانتماء الاجتماعي للشخصية المصرية في السبعينيات دراسة ميدانية - أنساق القيم الاجتماعية وتأثرها بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية – الجيش والتغير الاجتماعى فى اليمن - الاوضاع السياسية والاجتماعية للعمال الأجراء فى القرية المصرية - ملامح الوعى لدى الباحثين فى ميدان علم الاجتماع وانعكاساتها على المنتج البحثى - علم اجتماع المستقبل والمجتمع المصرى - أنماط الوعي التنموي لدي المتخصصين في العلوم الاجتماعية في مصر- الثقافة الفرعية للشباب المصري دراسة مقارنة لرطانة الشباب الجامعي - العولمة الاقتصادية والدور الاجتماعي للدولة - الوضع الاجتماعي للمرأة في القانون المصري المعاصر - التغيرات الاقتصادية الاجتماعية في مصر في السبعينيات وعلاقتها بالقانون - السينما والتليفزيون وصور السلوك الجانح دراسة ميدانية بالمغرب - المشكلات الاجتماعية وتحديات التنمية في مصر - العوامل البنائية المؤثرة علي الوعي السياسي والقانوني - الانفتاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية توزيع فرص العدالة في المجتمع المصري - الوعي الاجتماعي والانتماءات الاجتماعية - الأبعاد الاجتماعية لظاهرة توظيف الأموال في مصر - التوجهات الإيديولوجية ومعالجة الصحافة لظاهرة الفساد - مستقبل تحولات أنساق القيم الاجتماعية في ظل العولمة - وغيرها الكثير.


وباستقراء النتاج العلمى للدكتور سمير نعيم، وللعديد من تلاميذه الذين ساروا على نهجه، يمكننا أن نلحظ بما لا يدع مجالاً للشك، أنها جميعاً تمثل اتجاهاً متميزاً فى دراسة المجتمع العربى، ومدرسة نقدية متميزة فى السوسيولوجيا العربية المعاصرة. كما يمكن أيضاً استكشاف أهم المرتكزات النظرية التى تقوم عليها هذه المدرسة النقدية فى علم الاجتماع المصر‏ى والعربى فى النقاط الرئيسية التالية:
أولاً: تتبنى هذه المدرسة الاتجاه النقدى فى علم الاجتماع وفى الفكر الاجتماعى عموماً، لكل من الفكر والواقع، كما تضم مختلف الاتجاهات السوسيولوجية التى تشجع التنوع النظرى والمنهجى الخلاق.
ثانياً: تنطلق أعمال هذه المدرسة من التسليم بخصوصية الواقع الاجتماعى المصرى والعربى بكافة أبعاده، ولهذا فإنها تستمد أهم ركائزها وأهدافها العامة من مفكرى التنوير المصريين فى القرنين التاسع عشر والعشرين، من أمثال رفاعة الطهطاوى وجمال الدين الأفغانى ومحمد عبده، ومن تلاهم من أعلام الفكر المصرى مثل رشيد رضا وسعد زغلول ومصطفى عبد الرازق وقاسم أمين وطه حسين. ومن أهم هذه الركائز الاهتمام بالقضايا الكبرى للوطن، مثل: العدل والمساواة وحقوق الإنسان وعدم طبقية التعليم، ونشر القيم الايجابية والعمل المنتج والتنمية الشاملة، وعدم الانعزال عن معارف وعلوم وحياة الاخرين، وكشف أساليب تزيف وعى الجمهور ومقاومة الظلم، والاهتمام بالكشف عن أساليب نشر التفكير العلمى وأساليب تحقيق النهضة الشاملة.
ثالثاً: تنطلق أعمال هذه المدرسة من التسليم بإمكانية تطوير المجتمع المصرى والعربى وتحقيق انسانية الإنسان فيه إذا توافرت شروط الاستثمار الأمثل لإمكاناته البشرية والمادية المهدرة. وبناء عليه تسعى هذه المدرسة إلى دراسة وفهم البناء الاجتماعى المصرى والعربى بما يضمه من أنساق اجتماعية، وتحليل القوى الاجتماعية المختلفة على ضوء دورها فى تحقيق هذا الهدف أو إعاقته وعلى ضوء علاقة هذا البناء بالنظام الدولى والمراحل التاريخية التى مر بها.
رابعاً: تسترشد هذه المدرسة بانجازات مختلف الاتجاهات النقدية والراديكالية فى علم الاجتماع العالمى، التى ترتكز على مسلمات تسخير العلم الاجتماعى لأجل تحرير الإنسان بوجه عام من الاضطهاد والاستغلال والفقر والجهل والدفاع عن حقوق الإنسان وخاصة فى بلدان العالم الثالث التى ننتمى إليها، ومن أهم هذه الاتجاهات الخيال العلمى الاجتماعى لرايت ميلز، واتجاه مدرسة فرانكفورت وبخاصة أعمال هربرت ماركيوز وإريك فروم وهابرماس، بالإضافة إلى أعمال الماركسيين المحدثين مثل جورج لوكاش وأنطونيو جرامشي ... الخ. ولهذا فهذه المدرسة تولى اهتماماً كبيراً بموضوع الوعى الاجتماعى والقيم الاجتماعية الايجابية المستمدة من تراثنا ودورها فى تحقيق النهضة الشاملة.
خامساً: تسلم هذه المدرسة بأن القوى الاجتماعية البازغة والصاعدة تلعب دوراً حيوياً فى عملية التغير الاجتماعى نحو التقدم، مثل تنظيمات المجتمع المدنى بما تضمه من شباب من الجنسين ومن مفكرين ومثقفين ورجال دين، ولهذا فإن أبناء هذه المدرسة يدعمون أنشطة هذه التنظيمات بالمشاركة الفعالة فى تنمية الوعى الاجتماعى بالقضايا المجتمعية الكبرى من خلال الندوات والمؤتمرات والبرامج التى توجهها هذه التنظيمات لمختلف قطاعات المجتمع، بما يسهم فى خدمة قضايا الوطن والإنسان.
ولم يكتف الدكتور سمير نعيم، وتلامذته معه ومن بعده، بالتنظير والبحث والدراسة النقدية للواقع الاجتماعى، وإنما تجاوزوا ذلك إلى الفعل الاجتماعى المؤثر، من خلال المشاركة المجتمعية فى هموم الوطن وقضاياه، بالبحث والدرس والنقاش، والتى تبلورت ذروتها فى المشاركة فى فعاليات الثورات العربية الأخيرة والتى عرفت بثورات الربيع العربى. ولا أنسى فرحة الدكتور سمير نعيم وهو خارج إلى ميدان التحرير بالقاهرة، ليشارك الشباب المصرى فى ثورته ومطالبه بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وليلحق به العديد من تلاميذه إلى الميدان، لتتجسد فى هذه المدرسة السوسيولوجية كل مظاهر الوعى الاجتماعى الحقيقى، الذى يتجاوز مجرد الفكر والمعرفة إلى الفعل والممارسة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
المدرســـة النـقـديـة فى علم الاجــتماع العربى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تاريخ الأدب العربى
» مجلة التراث العربى
» من روائع الشعر العربى
» دراسات فى المجتمع العربى
» الفلسفة فى الوطن العربى المعاصر .. أعمال مؤتمر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
ســــير وأعــلام وتراجــم
-
انتقل الى: