إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى

خطوة على طريق الوعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty11/10/2009, 4:18 pm

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد 1_718807_1_23
وسقط نجم آخر من سماء مصر
وفاة المفكر المصري النبيل الدكتور محمد السيد سعيد

توفي مساء أمس السبت 10-10-2009 الكاتب الصحفي والمفكر اليساري المصري الدكتور محمد السيد سعيد نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، ومؤسس صحيفة البديل المستقلة، عن عمر يناهز 59 عاما بعد صراع مع مرض السرطان، تلقى على أثره العلاج لعدة أشهر في باريس على نفقة الحكومة الفرنسية. وستشيع جنازة الكاتب الصحفي اليوم الأحد 11-10-2009 من مدينة بورسعيد الساحلية مسقط رأسه.

ولد الفقيد في مدينة بورسعيد عام 1950، وتخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1972، وشارك في حرب أكتوبر عام 1973، وعقب انتهاء الحرب التحق بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية في عام 1975.
بدأت علاقة سعيد بالعمل السياسي في 1968 في جامعة القاهرة، حيث بدأ قياديّاً في صفوف الحركة الطلابية التي كانت تحاول النهوض حينها من حرب 1967، ودخل السجن لأول مرة عام 1972 بعد اعتقال قيادات الحركة الطلابية.
نال سعيد في عام 1983 شهادة الدكتوراه من جامعة "نورث كارولينا" وكان موضوعها دراسة مقارنة لسبع تجارب للتطوّر في أفريقيا.
ويملك سعيد تاريخا طويلا في العمل السياسي والحقوقي؛ حيث برز نشاطه أثناء دراسته بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وشارك في تأسيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان واعتقل لمدة شهر مع عدد من النشطاء الحقوقيين عام 1989، عقب كتابته بيانا صدر باسم المنظمة المصرية تضامنا مع عمال الحديد والصلب، الذين اعتصموا داخل مصنعهم في ذلك الوقت.
واستمر نشاطه الحقوقي من خلال عمله مستشارا أكاديميا لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، وكتابة عدد من الدراسات التي تتناول الجوانب الفكرية والنظرية لحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من أنه كان يصنف على أنه مفكر يساري، فإنه كان يتمتع بقبول جميع التيارات السياسية؛ بسبب رؤيته وتحليلاته الموضوعية، حتى أنه كان يحب أن يصف نفسه بأنه "ليبرالي بين اليساريين ويساري بين الليبراليين".
وانضم سعيد للحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) المعارضة منذ بداية تأسيسها في عام 2004، كما شارك في تأسيس جريدة البديل المستقلة عام 2007 (توقف صدورها لأسباب مالية)، التي كانت ناطقة بلسان حال اليسار المصري، ورأس تحريرها لمدة عام؛ حيث استقال في أكتوبر 2008.
وكانت الحكومة الفرنسية قد أصدرت قرارا بعلاجه على نفقتها في أحد مراكز العلاج بفرنسا؛ حيث كان يعاني من مرض السرطان، قبل أن يقرر الكاتب الكبير العودة إلى مصر بعد تدهور حالته الصحية قبل نحو أسبوع.
وللمفكر الراحل سلسلة من المؤلفات السياسية الهامة، وقد شغل منصب رئيس تحرير صحيفة البديل ونائب مدير مركز الأهرام للدراسات، وكان أحد مؤسسي حركة كفاية المعارضة.
كما شارك في تأسيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، واعتقل لمدة شهر صحبة عدد من النشطاء الحقوقيين عام 1989 عقب كتابته بيانا صدر باسم المنظمة تضامنا مع عمال الحديد والصلب الذين اعتصموا داخل مصنعهم.
محمد السيد سعيد.. رحيل مفكر نبيل مخلص "ابن موت"
بقلم: أكرم القصاص

اليوم السابع - 11/10/2009
بالرغم من أنه كان يتعامل مع ما يمكن تسميته الصناعة الثقيلة للفكر، لكنه كان يفعل ذلك بإخلاص يحيل الأفكار والقضايا الصعبة إلى أفكار مفهومة وقريبة من الرجل العادى. أتحدث عن المفكر والكاتب الراحل محمد السيد سعيد الذى رحل عنا أمس، بعد صراع مع المرض اللعين، ويشيعه أصدقائه وزملاؤه وتلاميذه اليوم إلى مسقط رأسه فى بورسعيد.

من الصعب أن تجد إجماعاً أو ما يشبه الإجماع على شخص فى هذا الزمن، الذى يميزه الخلاف الواسع بقدر ما تجد إجماعاً على شخص محمد السيد سعيد، الذى يتفق خصومه مع أنصاره وأصدقائه على أنه مفكر نبيل لم يُر مرة يضرب من الخلف أو يستخدم عيوب خصمه الشخصية فى خلاف فكرى. ويمكن أن ترى ذلك فى أراء زملائه داخل مركز الأهرام للدراسات السياسية الذين اختلف مع أفكارهم السياسية والاقتصادية وقضايا شائكة مثل التطبيع، ومع ذلك فإن الخلاف لا يمنعهم من الاعتراف بنبله وعمق أفكاره وتفكيره التقدمى المستنير.

وهو نموذج للمفكر الليبرالى بالرغم من أنه لم يخف أبدا يساريته أو تصوراته عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية. وكان ليبراليا بالمعنى الواسع للكلمة التى يساء فهمها والتعبير عنها كثيرا. هى مبدأ وليس أيديولوجيا. يعترف بالحرية للجميع ويسعى إليها ويدافع عن الحق فى التعبير والتفكير والتجربة والخطأ. ولهذا تبدو الخسارة شديدة من رحيل مفكر بحجم الدكتور محمد السيد سعيد الذى نجح لسنوات فى تبسيط الأفكار الصعبة وإعادة مناقشة وطرح المسلمات بتوجيه الأسئلة المهمة، وهى ميزة للمفكر الحقيقى والكاتب المخلص للفكرة وليس للأرباح. وهو هنا أيضا مفكر حقيقى يسعى للكشف والإنارة والمعرفة والتعبير عمن يصعب التعبير عنهم.
أسس المفكر الراحل تجربة جريدة "البديل" التى بالرغم من أنها تعثرت فقد بقيت أحد التجارب المهمة فى الصحافة المصرية واليسارية فى الوقت نفسه. وبالرغم من أن محمد السيد سعيد نشأ وتطور داخل مركز الأهرام للدراسات السياسية، ولم يخض تجربة الصحافة الاحترافية بشكل مستمر، فقد أخلص فى تأسيس البديل، وتعامل معها على أنها ابنة له يرعاها ويحرص على منحها كل وقته وجهده. وقد شهدت بنفسى كيف كان وهو فى عز مرضه وآلامه يذهب للعلاج ويعود ليعمل أكثر من اثنى عشر ساعة فى الصحيفة التى اعتبرها مشروعا مهما وقضية تستحق العناء. ولما تشكلت التجربة لم يتمسك بالمنصب أو يصر على امتلاك خيوط السلطة بل تركها لجيل شاب يثق به. فى وقت يصعب على كثيرين ترك مواقعهم.. وبالرغم من إغلاق البديل فى ظروف سيئة، فقد تركت بصمة كبرى، وفريقا صحفيا محترفا يجيد المهنة ويحترمها ويدافع عنها.

وأذكر مرات عديدة كانت مقالات وأعمدة الراحل تمثل نوعاً من الرياضة العقلية، حيث لا تكتفى بالقشرة وتنفذ للعمق من خلال أسئلة وأطروحات كاشفة، تنفذ إلى القلب وتعالج المنطق. وأذكر حلقات وتحليلات قدمها سواء فى الأهرام التى حلل فيها ارتباط الفقر بالجريمة، وأثبت عدم وجود رابط وأن جرائم الفساد والرشوة ونهب المال العام والبنوك يرتكبها أثرياء بما ينفى الربط بين الفقر والجريمة. كما أنه قدم فى البديل تحليلات مهمة لحركات الاحتجاج وشباب الفيس بوك والإنترنت، وحركة 6 أبريل وغيرها، لا تزال تمثل نوعاً من الفكر المنير والمستنير. كما أنه امتلك الشجاعة فى مواجهة المسئولين الكبار، وله قصة معروفة فى معرض الكتاب، عندما التقى الرئيس وتحدث أمامه بما يعتقد أنه يجب أن يذهب لصانع القرار، فأضاف لدور المثقف بعداً مهماً وعميقاً.

كل هذه الصفات التى يصعب أن تجتمع فى شخص واحد تجعل من المفكر الراحل الدكتور محمد السيد سعيد علامة فارقة ودرساً يبدو غائباً فى زمن تحمه الفوضى والعشوائية فى كثير من النقاط. لقد بدا وكأنه ابن موت كما يطلق الناس على الأبناء المميزين الذين يختطفهم الموت. لكن العزاء أن الراحل النبيل موجود ومتواصل بأفكاره وسلوكه ونبله وإخلاصه. رحم الله المفكر الراحل، وألهم ابنه وزوجته وأصدقاءه وزملاءه وتلاميذه الصبر والعرفان.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty12/10/2009, 8:08 pm

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد A44870_59m

فى رثاء الراحل الدكتور محمد السيد سعيد

مفكراً مبدعاً ومناضلاً أصيلاً
بقلم: السيد يسين
الأهرام 12/10/2009
رحل عن عالمنا المفكر المبدع والمواطن الأصيل محمد السيد سعيد‏,‏ الذي كان ركنا أساسيا من أركان جيل الرواد الشباب في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية‏,‏ لا أبالغ لو قلت إنه كان أكثر العقول إبداعا في المركز‏,‏ تميز بثقافته الموسوعية ومنهجه العلمي المتكامل‏,‏ وقدرته غير المحدودة علي الغوص إلي أعماق المشكلات البحثية التي يتعرض لها بالدرس والتحليل‏.‏

كان أحد أعضاء الفريق البحثي المتكامل الذي شكله مركزالدراسات السياسية والاستراتيجية في منتصف السبعينيات من مجموعة من الشباب الموهوبين خريجي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية‏.‏
تشكل هذا الفريق الرائد من الباحثين علي مراحل متتابعة‏,‏ من خريجين يتسمون بالموهبة البحثية التي تسندها قراءات ثقافية عميقة من جانب‏,‏ وقدرة نضالية تجلت في اشتراكهم الإيجابي في الحركة الطلابية التي ازدهرت في السبعينيات‏,‏ وكانت تطالب بتحرير الأرض‏,‏ وخوض الحرب دفاعا عن الكرامة والوطن‏.‏
قدمه لي أستاذة الدكتور عمرو محيي الدين أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية‏,‏ لكي ينضم إلي باحثي المركز‏,‏ كما قدم لي عديدا من زملائه‏,‏ وكان فخورا به وسرعان ما قامت علاقة فكرية عميقة بيني وبينه من خلال مناقشات علمية حول موضوعات شتي‏,‏ وتيقنت من أنه إضافة بالغة القيمة لفريق وشباب الباحثين‏,‏ لتمكنه من علم السياسة وعلم الاقتصاد معا‏,‏ بالإضافة إلي ثقافة النظرية العميقة‏.‏
وأذكر أنني كلفته بإجراء بحث عن الشركات دولية النشاط فأخرج للمركز دراسة بالغة العمق تتسم بالشمول والرؤية النقدية‏,‏ ولم أتردد في أن أدفع بها إلي المطبعة لنشرها‏,‏ وهو مازال باحثا مساعدا تحت الاختبار‏,‏ تقديرا للموهبة البحثية المبهرة‏.‏
أصبح هذا الكتاب من بعد المرجع الأساسي للباحثين المصريين والأساتذة المتخصصين في الموضوع وتتابعت أبحاثه‏,‏ وساعده المركز لكي يسافر في بعثة للولايات المتحدة الأمريكية للحصول علي الدكتوراه في العلوم السياسية‏,‏ وعاد ليواصل إبداعاته الفكرية ويقود فرقا بحثية متكاملة‏,‏ ليستكشف آفاقا جديدة للوطن‏,‏ أبرزها مبادرة التقدم التي أجراها في إطار برنامج أكاديمية البحث العلمي للبحث‏,‏ في كيفية توطين التكنولوجيا في مصر‏.‏ أما كتابه عن النظام العربي بعد حرب الخليج فهو يعد نموذجا للإبداع العلمي السياسي‏.‏
كان محمد السيد سعيد قريبا إلي ذهني وقلبي معا‏,‏ تابعت بتقدير كبير مسيرته العلمية والشخصية‏,‏ وحرص دائما علي أن نلتقي لكي نتبادل الرأي في هموم الوطن‏.‏ لم يكن مجرد مفكر مبدع‏,‏ ولكنه كان مناضلا أصيلا كرس حياته للدفاع عن حقوق الانسان المصري‏.‏
لم أتصور يوما أنني سأعيش حتي أنعي واحدا من جيل أبنائي الرواد ممن أسهموا في التأسيس الثاني لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية‏,‏ وجعلوا منه منارة علمية عربية وعالمية‏.‏
وداعا أيها الصديق العزيز‏.
وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Np27
حلم لا يموت
بقلم: د‏.‏ وحيد عبدالمجيد

الأهرام 12/10/2009
يعرف كل من يتمني مستقبلا أفضل لبلادنا حجم الخسارة المترتبة علي غياب عقل لم يتوقف لحظة علي مدي عقود‏..‏ ويدرك كل من تابع مشوار محمد السيد سعيد باحثا وخبيرا ومفكرا حجم الإسهام الذي قدمه في البحث عن طريق للتطور الوطني الديمقراطي والعدل الاجتماعي‏.‏ وكان هذا هو حلمه الذي عاش من أجله مهموما بقضايا الوطن والأمة استقلالا وديمقراطية وعدلا في مختلف المراحل‏.‏ تغير منهجه وطريقة تفكيره وأسلوب معالجته لهذه القضايا‏.‏ ولكن لم يتبدل أبدا الهدف الذي نذر عقله من أجله‏.‏ ولم يفقد البوصلة التي حرص دائما علي أن تهديه الي حيث يكون الحق والخير والحرية‏.‏


ولعل هذا كله مما هو معلوم عنه بالضرورة لمن اتفقوا معه ومن اختفلوا معه علي حد سواء‏.‏ ولكن ما قد لا يعرفه من تابعوه عن بعد هو أنه واحد من أقلية صغيرة وربما متناهية الصغر اختزلت حياتها فيما هو عام وتضاءل لديها كل ما هو خاص‏.‏
لم يتأثر محمد السيد سعيد‏,‏ مثله مثل قليل من المصريين‏,‏ بطغيان المصالح الخاصة التي جرفت في طريقها قيما وأخلاقا وسلوكيات باتت في يومنا هذا استثناء‏,‏ ودمرت مفهوم المصلحة العامة فانحسر الشعور به وتراجع ما يقترن به من أداء‏.‏
ظل‏,‏ مع قليل في هذا البلد‏,‏ قابضا علي إيمانه بأنه لا نجاة لنا إلا عبر إصلاح يرسي القواعد والمعايير الموضوعية التي تتحول الأوطان والمجتمعات في غيابها إلي أحراش يضيع فيها الضعفاء ويعلو فيها صوت القوة الغاشمة المستمدة من مال أو جاه أو سلطة‏.‏
لم يتوقف عقله لحظة عن الحركة في زمن ساده الجمود‏,‏ وهو يفكر في سبيل تحقيق حلم ألهمه طاقة فكرية حتي في مرضه مثلما ألهم هو آخرين من تلاميذه وأصدقائه وقرائه سيحملون هذا الحلم بعده‏.‏ ولذلك لم يمت حلم محمد السيد سعيد‏..‏ ولن يموت‏.‏

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Np27
مبدع من أجل الحرية
بقلم: د‏.‏ حسن أبوطالب

الأهرام 12/10/2009
عرفته منذ زمن حين كنا طلابا في كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة‏,‏ طالبا متحمسا مثقفا واعيا بما يجري حوله‏,‏ مدافعا عن افكاره بكل جسارة‏.‏ كانت السنوات الأولي من عقد السبعينات من القرن الماضي مليئة بالأحداث الكبري‏,‏ كثيرة الضباب شديدة الغيوم‏,‏ ولكنها بالنسبة لمحمد السيد سعيد كانت واضحة المسار والاتجاه‏,‏ فلديه من خبرة التاريخ والمعرفة ما يكشف أغوار الأحداث مهما غلب الضباب والغيوم‏.‏ كان كمن يقرأ المستقبل بعيون الخبير والمفكر الواعي بقيمة وطنه ومعني الوطنية والحرية‏,‏ والمؤمن بأن مصر لها قدر يغالبها البعض فيه‏,‏ ولكنها دوما ستنتصر بالفكر والمعرفة والعمل والإبداع‏.‏ وطوال السنوات تقاربنا أحيانا في ربوع مصر أو في خارجها‏,‏ كما اختلفنا فكريا وسياسيا تجاه تقييم مسألة أو حدث ما‏,‏ ولكن ظلت علاقة الصداقة والترابط الانساني هي الغالبة‏.‏ وحين كان رئيسا لتحرير التقرير الاستراتيجي العربي الذي يصدر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية تعلمنا جميعا منه كيف تكون قائدا لفريق متجانس مهما كان الاختلاف الفكري والسياسي‏,‏ فالمهم أن تنظم العمل وأن تبدع وأن تفكر وأن تعي دورك في الحياة ودور أمتك في صنع التاريخ‏.‏


رحم الله محمد السيد سعيد الذي لم يفقد إيمانه أبدا بوطنه الكبير مصر‏,‏ ولم يبخل عليه بعلمه وفكره ومعرفته وإبداعه‏.‏ ضحي من أجل أفكاره ومعتقده السياسي‏,‏ سعي دائما لأن يكون مفكرا ومبدعا في العلم كما في التحليل السياسي الرصين‏,‏ آمن بأن قدر المرء هو أن يصنعه علي ما يريد وليس علي ما يريده الآخرون‏.‏ كان نموذجا للمبدع من أجل الحرية‏,‏ حرية الذات وحرية الوطن‏,‏ كان مثالا للإصرار علي النجاح والتمسك بالفكر العلمي وطيب المعشر مع كل من حوله‏,‏ سواء اتفقوا معه أو اختلفوا‏.‏ اسكنه الله فسيح جناته‏.‏

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Np27
النبيــــل
بقلم: د‏.‏ جمال عبدالجواد

الأهرام 12/10/2009
عندما التقيته لأول مرة في عام‏1983‏ في الولايات المتحدة تفاجأت بهذا الشاب الرقيق المهذب المتواضع بعد أن كانت صورته التي رسمتها في ذهني كتاباته وما سمعته عنه من أصدقائه تختلف كثيرا عن ذلك‏.‏ كنت تائها في ذلك البلد البعيد الذي أزوره لأول مرة بعد أن وصلت في ساعات الليل الأولي عندما كان الموظفون المسئولون عن استقبالي وترتيب شئون إقامتي قد غادروا لبيوتهم‏.‏ بحثت عن اسمه في دليل التليفون فجاء مسرعا‏.‏ شعرت بحرج بالغ عندما أصر هو وزوجته الأستاذة الجامعية المرموقة علي أن أبيت الليل علي الفراش الوحيد في منزلهما‏,‏ ترددت كثيرا في قبول العرض الكريم فسهرنا حتي ساعات الصباح الأولي نتحدث في كل شئ قيم ورائع ونبيل فكانت ليلة من أروع مايمكن‏.‏


هكذا عرفت محمد السيد سعيد الذي غيبه الموت قبل يومين‏.‏ ليس لدي شك في أن محمد السيد سعيد هو أنبل من عرفت من أبناء جيله‏,‏ ومن أنبه العقول التي أنجبتها مصر خلال العقود الماضية‏.‏ تواصلت صداقتنا وتواصل كرمه واستمرت حواراتنا التي كانت بالنسبة لي منبعا للمعرفة ومحفزا علي المزيد منها‏.‏ تجاورنا في السكن فكنا نمضي ساعات طويلة بالليل نتحاور في كل شئ يتعلق بالعلم والعالم والوطن والعالم‏.‏ لم يكن ثناؤه يريحني لأنه كان يثقلني بأعباء مخافة أن يكتشف أنني لست علي مايظن من الدراسة والمعرفة‏.‏ اختلفت كثيرا مع آراء له لكن وجاهة آرائه ومنطقها القوي كانت دافعا من أجل امتلاك ناصية الحجة لأعيد إشهارها في وجه حجته‏,‏ فأظفر بحوار أرقي من سابقه‏.‏ تمنيت عليه أن ينقطع للقراءة والتأليف فمن الخسارة أن ينشغل مثله بحياتنا السياسية والثقافية الغنية بالتفاهة التي يمكن لكثيرين غيره أن يملؤها بما يناسبها من الصخب والضجيج غير المفيد في أغلب الأحوال‏.‏ لم تعجبه النصيحة فكان في موقع المقدمة والقلب لمشروعات ومبادرات في المجتمع المدني والصحافة‏,‏ فترك بصماته عليها بقدر ماتحتمل هي وبقدر ماتحتمل الأوضاع في مصر‏.‏
أمسح دمعة سالت رغما عني لأني لن أراك ثانية‏,‏ ولأني لم أكن بجانبك في أيامك الأخيرة‏.‏ رحلت إلي رحمة لاتضيق‏,‏ وتركتنا نكابد وحشة الفراق‏.‏

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Np27
المناضل الشريف
بقلم: عبدالمحسن سلامة

الأهرام 12/10/2009
عرفته عن قرب خلال السنوات الأخيرة بحكم عملي النقابي‏,‏ وبحكم عمله كرئيس تحرير لجريدة البديل التي أسسها وقام علي شئونها في ظروف شديدة التعقيد والصعوبة إلا أنه استطاع شق غمار البحر وسط أمواج متلاطمة وهائجة أحيانا‏.‏


تحدثت اليه تليفونيا شارحا له رغبتي في العمل النقابي ورؤيتي لمستقبل نقابة الصحفيين وضرورة أن نبتعد بها عن الشطط الفكري أو الحزبي أو المؤسسي لتظل النقابة كما كانت وأبدا ملكا لكل الصحفيين علي اختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية والمؤسسية منطلقا في ذلك من فكر الاستاذ كامل زهيري نقيب النقباء ومهندس العمل النقابي لفترة طويلة‏.‏
دعاني لزيارته في المقر المؤقت لجريدة البديل حيث اجتمعت كوكبة من الزملاء القدامي والجدد ليفاجئني بإصراره علي مصاحبتي خلال الجولة معلنا علي غير عادته تأييده العلني أمام الزملاء‏.‏
هذه هي روح المناضل الشريف محمد السيد سعيد الزاهد في كل شئ إلا العمل والفكر‏,‏ والمؤمن بحرية التنوع والاختلاف فعلا وقولا‏,‏ بعيدا عن روح الاستئصال والعنف في العمل السياسي والنقابي والفكري‏.‏
بعد فترة جاء بعض الزملاء من البديل طالبين تقديم أوراقهم إلي لجنة القيد قبل استيفاء المدة المقررة التي حددتها اللائحة بضرورة انتظام الصدور لمدة عام وقاموا بعمل مظاهرة لتحقيق هدفهم‏,‏ ومرة أخري يثبت الراحل انه مناضل شريف باتصاله بي وشرحت له الموقف كاملا‏,‏ وان الأمر لايعدو ان يكون سوي التزام باللوائح النقابية‏,‏ وأرسلت اليه تلك اللوائح واقتنع علي الفور‏,‏ رافضا الاستثناءات وملتزما باللوائح والقوانين‏,‏ وحتي بعد تركه رئاسة التحرير كنت دائم الاتصال به شارحا وموضحا وكان هو دائما محاورا رائعا ملتزما بالصواب دون شطط أو تطرف حتي لو كان ذلك مخالفا لمن هم ينتمون اليه فكريا أو لمن كانوا يعملون تحت رئاسته وهم يعتبرونه الاب الروحي لهم‏.‏ د محمد السيد سعيد سوف تظل روحه ترفرف علينا تبشر بفجر جديد يخلو من العنف والتطرف‏,‏ وتدعو الي إعلاء قيم العدالة الاجتماعية‏,‏ والتعايش واحترام حقوق الآخر‏...‏ رحم الله الفقيد العزيز وألهم اسرته الصبر والسلوان‏.

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Np27
مكتشف الأفكار الخلاقة يرحل في سلامة
بقلم: نبيل عبدالفتاح

الأهرام 12/10/2009
يمثل المفكر الكبير محمد السيد سعيد احد اضلاع المثلث الذهبي في انتاج الخطاب اليساري النقدي لجيل السبعينيات من القرن الماضي رحلوا جميعا عن حياة الفكر الأكثر تأثيرا في نظام الخطاب المصري المعاصر الأول أسسه مصطفي كامل الباحث والدبلوماسي اللامع والثاني الباحث الذكي والسياسي الكاريزما د‏.‏ أحمد عبدالله رزة ترك الاثنان معا في القلب لوعة وحرقة عن صداقة عميقة وعزيزة‏,‏ وعلي فرص ضائعة علي بلادهم وعلي الاغلبية الشعبية في الاستفادة من أفكارهما وجهودهما البناءة وها هو محمد السيد سعيد يرحل في سلام مخلفا لوعة عميقة وحزنا ضافيا‏,‏ شكل محمد السيد سعيد الأكثر لمعا ووهجا وقلقا في جيله


لأنه كان الأكثر قدرة علي هدم وتفكيك الابنية الذهنية والسياسية والنفسية السلطوية‏,‏ وكان قادرا ببراعة علي تحطيم الأوهام السائدة‏.‏ كان محمد ولا يزال وسيظل بأفكاره وقدرته يمتلك حسا نقديا خلاقا واسلحة فتاكة لهتك الأكاذيب والضلالة الشائعة في اذهان النخبة المثقفة العالمة‏,‏ وذلك بحكم نخبويته الاستثنائية علي صعيد انتاج الافكار‏,‏ محمد السيد سعيد عقل نقدي جبارا ذو قدرات استثنائية وتاريخية علي تخليق الأفكار المبدعة وبناء المنظومات واسترتيجيات التحليل الفذة‏,‏ والخيارات الأطرة‏.‏
كان محمد السيد سعيد وسيظل مستودع افكار مترعة بالحياة المستقبلية انها افكار منظورة ومكرسة لمستقبل مصر والمنطقة العربية‏.‏ رجل ذو روح انساناوية وعدالية رفيعة‏,‏ وامتلك من التواضع والحساسية والحس الأخلاقي ما يجعل فقده خسارة كبيرة لمحبيه وعارفي فضله وقراءه‏,‏ والأهم لأمته المصرية وللأغلبية الشعبية من ابنائها وأيضا في العالم العربي‏.‏ رحم الله الصديق الكبير الحبيب محمد السيد سعيد وادخله فسيح جناته وألهم اصدقاءه ومحبيه الصبر الجميل‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty12/10/2009, 8:10 pm


مات الفيلسوف
بقلم: أحمد المسلمانى

المصرى اليوم عدد ١٢/ ١٠/ ٢٠٠٩
كنت لاأزال طالباً فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكان من حظى أنى تلقيت تدريباً مبكراً فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.. لم نكن نحن المتدربين أو غير المعينين نحظى بالتقدير الكافى.. وفى كثير من الأحوال لم نكن نحظى بأى تقدير، وكان بعض السعاة فى مركز الدراسات يتعاملون معنا وكأنهم خبراء أو مفكرون كبار.


وسط أجواء نفسية وفكرية غير مثالية، فاجأنى أحدهم بقوله: صباح الخير يا أستاذ أحمد، لم تكن تحية الصباح معتادة فى ذلك المكان البارد، ولم تكن صفة أستاذ لتتوجه إلى طالب متدرب بأى حال.
كان صاحب التحية هو الفيلسوف السياسى المصرى الدكتور محمد السيد سعيد، ومن تلك اللحظة الدافئة بايعته أباً وأخاً وأستاذاً.
مرت سنوات طويلة على تلك المبايعة القلبية للدكتور محمد السيد سعيد.. لم يخذلنا فيها قط.. لم يفقد من الأبوة سطراً واحداً، ولا من الأخوة موقفاً واحداً، ولا من الأستاذية رأياً واحداً.
عاش الفيلسوف السياسى محمد السيد سعيد سيداً وسعيداً.. سعيداً بنا وسيداً علينا.
كان أساس السعادة لديه ذلك الإيمان الكبير بإمكانية النهضة، والأمل الواسع فى إنجاز مشروع حضارى.. كان محمد السيد سعيد مؤمناً إلى حد اليقين بأنه بالإمكان أبدع مما كان، وأن مصر إذ شهدت فى حالات كثيرة نهاية السياسة لم تشهد فى أى لحظة نهاية الإنسان.

وكان أساس السعادة ذلك الحب الفياض الذى يرهقنا حرجاً وخجلاً أن قلباً بهذا الاتساع يعيش بيننا.. لقد وجدت ذلك الحب فى شقيقه المبدع الرائع «سيد سعيد» وفى ابنه الودود الخلوق «مروان» وفى زوجته الجليلة الصابرة نور الهدى زكى، وفى زيارات القادمين إليه من بورسعيد، وفى عيون كل الذين وجدوا فى مكتبه فى الطابق الحادى عشر بالأهرام منزلاً وموئلاً.
وكان أساس السيادة لديه أنه تجاوز بالعلم كل منصب.. لم يقل غير ما يريد.. خرج من السجن دون أن يدخل رغد الحياة.. لم يكن أسيراً عند أحد.. ولا حتى أسيراً عند نفسه.. كان فقط أسير الأمل والوطن.
لقد اختار الفيلسوف محمد السيد سعيد أن يبدأ نضالاً أوسع باتجاه الأمل.. فكانت صحيفة البديل، التى توقفت قبل أن يتوقف، وانهزمت قبل أن ينهزم وكان القدر قاسياً، حيث تآكلت أحلامه مع تآكل خلاياه.. لا أمل ولا وطن.. عاش تحالف عديمى الموهبة ومات الفيلسوف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty12/10/2009, 8:12 pm


بروفايل .. رائد الحركة الحقوقية
أحيا «اليسار الليبرالى» ورفض التبعية
كتب: محمد عبدالخالق مساهل
المصرى اليوم ١٢/ ١٠/ ٢٠٠٩
الدكتور محمد السيد سعيد واحد من أبرز المفكرين اليساريين فى مصر الذين ينتمون لجيل السبعينيات وصاحب مدرسة فكرية تربى فيها كثير من الباحثين.

وُلد سعيد عام ١٩٥٠ بمدينة بورسعيد، وتخرج فى كلية السياسة والاقتصاد ١٩٧٢، والتحق بعد تخرجه بثلاث سنوات بـمركز الدراسات الاستراتيجية بمؤسسة الأهرام.
ونال الدكتوراه من جامعة نورث كارولينا الأمريكية، وكان موضوعها «دراسة مقارنة لسبع تجارب للتطور فى أفريقيا» وذلك عام ١٩٨٣.
تم اعتقاله مع عدد من النشطاء الحقوقيين عام ١٩٨٩، عقب كتابته بياناً صدر باسم المنظمة المصرية تضامناً مع عمال الحديد والصلب، الذين اعتصموا داخل مصنعهم، ولكنها لم تكن المرة الأولى، فقد دخل السجن عام ١٩٧٢ بعد اعتقال قيادات الحركة الطلابية.

بدأت علاقة محمد السيد سعيد بالعمل السياسى فى ١٩٦٨ عندما كان طالبا فى جامعة القاهرة، حيث برز قيادياً فى صفوف الحركة الطلابية التى كانت تحاول النهوض حينها من حرب ١٩٦٧، وكان يقول حول ذكرياته فى هذه الفترة: «بدأنا مجموعة صغيرة فى محاولة لبعث الحركة الطلابية بعد الهزيمة، وصعدت الحركة بالفعل خلال ١٩٦٨، لكن عبد الناصر قضى عليها وأطلق ساعتها شعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، فإذا بالحركة تتراجع لتصعد مجددا عام ١٩٧١ مع انحسار قبضة الأمن نسبياً».
وكانت تجربة الاعتقال عام ١٩٨٩ قاسية جدا عليه فقد ذاق خلالها التعذيب ولا أدلّ على ذلك من قوله: «كانت تجربة بشعة.. كنا عددا كبيرا من المثقفين والمناضلين، تعرضنا للتعذيب والسحل والإهانة وكل أنواع الضغوط.. بعضنا أشرف على الموت تحت وطأة التعذيب»، ولكن عشر سنوات مرت على التجربة ولم يرتدع عن تكرارها من خلال مشاركته فى إضراب موظفى الضرائب العقارية.
وعلى الرغم من أنه كان أحد مؤسسى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فى الثمانينيات ومركز القاهرة لحقوق الإنسان فى التسعينيات، ومن رواد الحركة الحقوقية فإن هذا لم يمنعه من التحذير من التمويل الأجنبى وفساد بعض النشطاء الحقوقيين كما كان دائم التقويم لها بشكل موضوعى، ويقول ما لها وما عليها دون مواربة، وانضم لحركة كفاية منذ بداية تأسيسها فى عام ٢٠٠٤.
كما شارك فى تأسيس جريدة «البديل»، التى كانت ناطقة بلسان حال اليسار المصرى ورأس تحريرها لمدة عام ثم تركها لأسباب صحية عام ٢٠٠٨، وتبنى من خلالها الفكر اليسارى المساند لحقوق الطبقة العمالية المطحونة التى تعانى الظلم والتعنت.

توقع الكاتب المفكر أن تصيب التعديلات الدستورية الأخيرة المجتمع المدنى المصرى بحالة من الاختناق بعد أن سدت كل الطرق الديمقراطية المتاحة للتحايل على ديكتاتورية نظام الحكم، فقد اعتبر أن أهم نتائج التعديل هى القضاء على جماعة الإخوان المسلمين تماما، وتشديد الخناق على الكل، كما استبعد أن تترك التعديلات أى تأثيرات اجتماعية، نظرا لأن سياسات الحكومة سبقت التشريعات، سواء فيما يتعلق بالتوجهات الاقتصادية أو السياسية.

محمد السيد سعيد مثقّف من طراز فريد وباحث متعمق فى قضايا مجتمعه، يعرف كيف يضع يده على أوجاع الوطن، وكان مناضلا صعب المراس يخيم على فكره هدوء الواثق.
ويؤثر عن محمد السيد سعيد أنه كان من أشد ناقدى اليسار، ونقده للتبعية الفكرية للنموذج السوفيتى.. لم يكن من الذين يتسامحون مع أخطاء الحركة، أو يجدون لها الذرائع، لكنه كان متفائلا أيضا بمستقبل اليسار.
وكان باحثا متميزا ارتبط فى حياته البحثية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وعن هذه التجربة كان يقول: «جاء ارتباطى بالمركز خلال فترة حرجة فى منتصف السبعينيات التى كانت مرحلة التحول الكبرى فى مصر، وقد تربيت فى المركز وسط عمالقة أمثال طارق البشرى وأبوسيف يوسف ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وزكى نجيب محمود الذى تأثرت به كثيراً، رغم انتمائى لمدرسة فكرية مختلفة».
شغل منصب نائب رئيس المركز، ولكنه تولى فى الوقت ذاته رئاسة تحرير جريدة، وسط تجربة لم تكن مضمونة أو مأمونة العواقب، ولكن شعوره بالواجب دفعه للمغامرة لإعادة إحياة فكر اليسار.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty12/10/2009, 8:15 pm


سعيد.. يسارى بين الليبراليين.. وليبرالى عن «اليساريين»
كتب: وائل على

المصرى اليوم ١٢/ ١٠/ ٢٠٠٩
أطلق الدكتور محمد السيد سعيد مقولة شهيرة عن نفسه بقوله: «أنا يسارى بين الليبراليين وليبرالى عن اليساريين».. ويعتبره العديد من المنتمين إلى فكر اليسار نموذجاً فريدا فى الفكر الاشتراكى مما ساعده فى تكوين علاقات مع جميع ممثلى القوى السياسية بداية من قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى أقصى اليسار ليؤكد ذلك الحب والتقدير الذى يكنه له الجميع وهو ما جعله يؤسس ومجموعة من اليساريين تيار اليسار الديمقراطى.


وصف عبدالغفار شكر، عضو المكتب السياسى لحزب التجمع، الدكتور محمد السيد سعيد بأنه من الكتاب القلائل الذين يستحقون لقب مفكر، مشيراً إلى أنه قادر على إبداع الافكار والصياغات الجديدة للتغيرات المحلية والدولية وهو مابرز خلال كتابه: «النظام الإقليمى العربى الجديد» والذى دعا فيه إلى تطوير الجامعة العربية فى ظل الكيانات الكبرى.
وقال إن سعيد أولى قضية الديمقراطية اهتمامه، مشيراً إلى أن آخر كتابته فى هذا المجال ورقة بحثية بعنوان «نحو مفهوم مصرى للديمقراطية» تمت مناقشتها فى فعالية شارك فيها ممثلون لجميع القوى السياسية وأجمعوا أنها ذات صياغة راقية وعالجت الورقة قضية الدين والدولة.

أوضح شكر أن المفكر الراحل ارتبط باليسار منذ ولعه بالسياسة، مشيراً إلى مشاركته فى عضوية أحد التنظيمات الماركسية السرية، خلال دراسته فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية منذ بداية السبعينيات الا أنه آثر العمل بشكل مستقل ولم يتخل عن ولائه للماركسية، لم يتخل عنه حتى وفاته، وظل مدافعا عن قيم العدالة والديمقراطية.
وأكد الدكتور مجدى عبدالحميد، رئيس الجمعية المصرية للمشاركة المجتمعية أن الدكتور سعيد أحد المفكرين فى تيار اليسار الذى سعى جاهداً عقب انهيار الاتحاد السوفيتى للعمل على إحياء فكر اليسار الذى يؤمن بالديمقراطية، مع التركيز على العدالة الاجتماعية واحترام الإنسان من منظور الحقوق والواجبات.

وأوضح عبدالحميد أن سعيد حاول تجاوز الفكر الجامد للماركسية لتعبر بشكل فعال عن طموحات الناس، مشيرا إلى أنه نجح فى أن يكون هناك تيار بين اليسار المصرى يعتنق فكرة اليسار الديمقراطى.
وقال: المفكر الراحل لعب دور المبشر والمنظر لتيار اليسار الديمقراطى، لافتا إلى أنه لم يكن فى نيته يوما أن يكون مشاركا فعليا، كان لا يسعى للمناصب، وظل يتغاضى عن المناصب حتى مات، بينما كان يسعى تجاه كل ما هو إنسانى.
وأشار خالد على، مدير المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن محمد السيد سعيد يمثل قيمة كبيرة للعديد من اليساريين والمهتمين بالعمل السياسى، وقال: افتقدته الساحة المصرية وإن كانت أعماله وأفكاره باقية تؤكد دوره فى إثراء الفكر السياسى.
وأشار إلى أن سعيد لم يكن يساريا تقليديا وإنما كان متجدداً ومتوهجاً بالأفكار، التى تؤمن بالعدالة الاجتماعية مع قبوله تدخل الدولة فى بعض الانشطة ودور القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام بشرط عدم سيطرة الدولة والقطاع الخاص، وجعلها ركنا من أركان الحكم.
وأضاف خالد على: نجح المفكر الكبير فى كسر ديكتاتورية «البروليتاريا» التى كان العمال يحكمون بها حال وصولهم إلى السلطة، ولفت إلى أن سعيد لاقى اعتراضات من أقصى اليسار، وتم اتهامه بأن من يردد تلك الأفكار ليس من اليسار.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty15/10/2009, 6:27 pm


وفي العام السادس والثلاثين من الحرب.. استشهد محمد السيد سعيد
بقلم: ضياء رشوان

الشروق عدد 15 اكتوبر 2009
عندما وقع العدوان الثلاثى الغادر عام 1956 وقاومت بورسعيد ببسالة هجمات القوات البريطانية والفرنسية المعتدية بما جعلها مثالا للصمود فى التاريخ المصرى كان الطفل محمد السيد سعيد قد جاوز لتوه سنواته الست.


وعندما وقعت نكسة يونيو 1967 واحتلت قوات العدو الإسرائيلى سيناء كان محمد السيد سعيد لا يزال فى بورسعيد طالبا فى المرحلة الثانوية، حيث شاهد بعينيه كيف دمر العدوان الإسرائيلى مسقط رأسه مرة أخرى؟. وعندما تدافع طلاب جامعات مصر وفى مقدمتهم جامعة القاهرة للتظاهر ما بين عامى 1968 و1972 للاحتجاج على الهزيمة وحالة اللاحرب واللاسلم، كان الفتى الصغير فى قلبها وهو لم يكد يتجاوز أعوامه العشرين. وعندما عبر جنود مصر البواسل قناة السويس فى 6 أكتوبر 1973 ليحطموا أسطورة العدو الذى لا يقهر ويعيدوا الكرامة الوطنية الضائعة كان محمد ذو الأعوام الثلاثة والعشرين واحدا منهم. وعندما قبل الرئيس السادات قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فى 22 أكتوبر لم يكن الجندى محمد وهو يدفع الثمن الغالى الذى قدمه طائعا من أجل عودة الكرامة وتحرير الأرض يعرف لا هو ولا أحد آخر فى مصر أن الطلقات التى وجهها ورفاق سلاحه نحو قوات العدو ستكون هى الأخيرة وأن المدافع ستسكت بعدها لمدة ستة وثلاثين عاما حتى اليوم.
وبعد أن سكتت المدافع فى الحرب الوطنية الكبرى بأعوام أربعة عندما قرر الرئيس السادات الذهاب للقدس عام 1977 ثم وقع معاهدة الصلح مع العدو عام 1979 كان محمد الباحث الشاب النابغة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى الصف الأول من المعارضين الكثيرين لهذا النهج فى إدارة الصراع مع الدولة العبرية معتبرا إياه مهدرا ومضيعا لكل نضالات الشعب المصرى فى مواجهة الطبيعة العنصرية العدوانية لهذه الدولة. وعندما قام جيش هذه الدولة باجتياح لبنان وصولا إلى حصار بيروت عام 1982 اجتاح الحزن والقهر محمد وهو فى بعثته للدكتوراه بأمريكا فأصيب بقرحة مزمنة فى المعدة جعلته يتقيأ دما وكأنه يريد أن يشارك إخوته ورفاقه ضحايا العدوان نزف دمائهم على بعد آلاف الأميال منهم.

وعندما عاد محمد من بعثته ليواصل عمله بمركز الأهرام وإبداعاته الفكرية والبحثية واصل معها نضاله المتواصل من أجل وطن مستقل ومواطن حر يتمتع بالعدل الاجتماعى وحقوقه الأساسية الاجتماعية والسياسية، فبدأ مع رفاق قليلين من مختلف مدارس الفكر والعمل فى مصر تأسيس حركة حقوق الإنسان المصرية الوطنية التى ترسخت اليوم جذورها وتعددت وعلت أفرعها بفضل جهود كثيرين كان جهده الدءوب من أبرزها وأهمها. وخلال ربع القرن الذى قضاه محمد فى مصر بعد عودته من البعثة ظل إبداعه الفكرى المتشعب الغزير يتواصل فى مجالات متعددة ليتشابك مع نضاله الحركى المتواصل والمخلص من أجل استقلال الوطن والعدالة الاجتماعية والحقوق الأساسية لأبنائه، ليشكلا معا حربا حقيقية مستمرة بدا أن الجندى محمد السيد سعيد قرر أن يواصلها بعد أن فاجأه سكوت المدافع فى حرب أكتوبر 1973 العظمى التى كانت تمثل له تحقق كل هذا المعانى والأهداف التى ظل يبحث عنها ويبذل كل ما يملك من أجل تحقيقها.
سنوات طويلة، ست وثلاثون منذ سكوت المدافع فى أكتوبر وست وعشرون منذ عودته من البعثة، مضت ثقيلة مترنحة تجتاح فى طريقها كل ما ظل محمد صامدا يحارب من أجل الحفاظ عليه أو إقامته دون أن يهتز إيمانه العميق بالنصر فى النهاية فى أى لحظة من هذا الزمن الطويل.

ظل محمد ينتقل من معركة إلى أخرى فى هذه الحرب الطويلة وصلابة المثقف العضوى الحقيقى ابن الطبقات الوسطى والفقيرة تلازمه وتحميه من زيغ هنا نحو مكسب مادى أو انحراف هناك نحو منصب رسمى، ومعها سانده مراس الجندى المصرى القوى المصمم على تحقيق الأهداف النبيلة التى خرج من بيته وترك أهله لكى يحققها لهم ولوطنه الحبيب. طالت المعارك وتعددت على الوطن وشعبه وعلى محمد الذى ظل دوما فى الصفوف الأولى الفكرية والحركية فى جبهة القتال الشعبى والنخبوى المتواصل ضد الاستبداد والفساد وضياع حقوق المصريين الأساسية فى الداخل، واعتداءات العدو القديم الجديد ــ إسرائيل ــ على أشقائنا الفلسطينيين والعرب فى الخارج، وبينهما تهافت أداء مصر الرسمية فى الإقليم ومحيطها العربى بل تحالفها وتواطئها أحيانا ضد مصالح شعبها التاريخية وحقوق أشقائها القريبين.
ظل محمد يحتفظ طوال سنواته معاركة الكثيرة منذ أن سكتت المدافع، والتى هى جميعها معارك الوطن وأبنائه، فى قلبه وعقله وقلمه ولسانه بجرأة الجندى الذى حمل روحه مع رفاقه على أكفهم وانطلقوا فى أكتوبر العظيم يواجهون عدوا متفوقا عليهم بكل المعانى المادية والعددية. كان أعداء مصر شعبا ووطنا فى داخلها وخارجها الذين واجههم محمد ومعه شرفاء كثيرون معه فى معارك عديدة خلال تلك السنوات الطويلة منذ أن سكتت المدافع على ضفاف قناة السويس دائما متفوقون فى العدد والعدة، إلا أن درس أكتوبر علم الجندى ــ المثقف ــ المفكر ــ المناضل أن هذا لا يعنى بأى حال أن النصر سيكون لهم أو أن عليه أن يتراجع أو يتوقف ورفاقه عن القتال الفكرى والسياسى والمدنى ضدهم، فظل يقاتل معهم دون كلل وليس أمامه سوى الوصول إلى إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة. وفى عاميه الأخيرين خاض محمد المثقف والمفكر والمناضل اليسارى الذى ظل وفيا لمدرسته دون جمود بل بإبداع نقدى وتطويرى هائل، معركته الأخيرة من أجل إعادة صوت هذه المدرسة المصرية الأصيلة إلى مكانه الطبيعى على الساحة المصرية الإعلامية، فأسس صحيفة البديل اليومية التى أعادت صوت اليسار إليها بعد أن ظن كثير من الناس وتمنى قليل منهم أنه اختفى منها إلى الأبد.

ولم يشأ القدر بعد كل تلك السنوات الطويلة من العطاء والإبداع والنضال الخلاق للمثقف ــ الجندى ــ المفكر ــ المناضل محمد السيد سعيد ابن بورسعيد الباسلة والحركة الوطنية المصرية الصامدة بكل أطيافها، أن يشهد لحظة الانتصار التى عاش عمره ليراها لوطنه وشعبه وقيم العدل والمساواة وحقوق الإنسان التى طال قتاله ونضاله وإبداعه من أجلها. إلا أن القدر كان أيضا رحيما بمحمد الرقيق الحاشية الرفيق بكل الناس، فقد من عليه بالحسنيين معا وإن فرق بينهما زمن طويل. فقبل ست وثلاثين سنة من سكوت المدافع فى الحرب التى دخلها مع أبناء جيله نال أولى الحسنيين معهم ومع شعب مصر كله فى مثل هذه الأيام من شهر أكتوبر 1973 بالانتصار الكبير الذى حققه جيشها الباسل على العدو الدائم الغادر. وبعد هذه السنوات الطويلة بعد سكوت المدافع من الحرب الممتدة التى خاضها محمد على كل الجبهات الداخلية والخارجية، نال الحسنى الثانية برحيله «شهيدا» من المرض والكمد والنضال والإبداع من أجل مصر نفسها التى كان قد جهز نفسها للاستشهاد فى سبيلها قبل ستة وثلاثين عاما كاملة بلباس الجندى وسلاحه فى عبورها العظيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty15/10/2009, 6:29 pm


النبيل صاحب (البديل) محمد السيد سعيد:
محاولة مصرية للتصالح مع ذاتها
بقلم د. معتز بالله عبد الفتاح

الشروق عدد 15 اكتوبر 2009
رحمة الله على أستاذنا الفاضل محمد السيد سعيد.هذا رجل نبيل بكل معانى الكلمة، لى معه مواقف كثيرة كُلُها تدلُ على نبل أخلاق هذا المفكر الكبير. واسمحوا لى ألا أتحدث عن الجانب العلمى فى تكوينه، فزيارة واحدة لأى مكتبة مضطلعة بحقوق الإنسان المصرى والعربى أو بالاقتصاد السياسى للمنطقة العربية كفيلة بتوضيح من هذا الرجل. ولكننى أكثر حرصا على توضيح الجانب الإنسانى فى فارس غادر عالمنا حاملا فى صدره الكثير من الحب والاحترام لوطنه وعالمه.


وأبدأ بأولِ موقفٍ لى معه فى أحد مؤتمرات كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، حين اختلفت اختلافا شديدا مع أحد أساتذتى الأفاضل الذى هو صديق من أصدقائه الكبار، فانبرى الرجل للدفاع عن شاب صغير لا يعرفه وعن حقيه اللذين أشار إليهما:
أولا حقى الإنسانى فى الاختلاف مع الآخرين كبروا أم صغروا حتى وإن كُنتُ مخطئا، وحقى ثانيا فى الدفاع عما أعرف أنه الحق ما دمت أدافع عن موقفى بالحجة والمنطق وبلا أى تطاول.
وقد علمنى والحاضرين الكثير بكلماته تلك لدرجة أننى طالما كررت موقفه النبيل مع آخرين بالقول والفعل مذكرا نفسى والآخرين بأننى ما كنت لأفعل ما فعلتُ لولا القدوةُ التى أعطاها لى ولآخرين فى مواقف مماثلة.
لقد كان نبيلا حتى وهو يشير إلى الشاب الصغير بقوله: «الأستاذ معتز أصاب حيث أخطأنا جميعا» والحقيقة أنه لم يخطئ على الإطلاق وإنما أراد أن يرفع الحرج عن أولئك الذين وافقوا الأستاذ الكبير على رأيه ورفضوا أن يقولوا «أصاب صغير وأخطأ كبير».

ذكرت الموقف أمام إحدى زميلاتى فروت لى رواية أكدت لى نبل أخلاق هذا الرجل. فقد كانوا مجتمعين فى إحدى منظمات المجتمع المدنى المصرية ويبدو أن المكان لم يكن مهيأ للاجتماع بحكم ما كان فيه من غياب النظام بل النظافة فطلب من جميع الحضور المشاركة فى تنظيف وتنظيم المكان. وهو ما قابله البعض بشىء من الاستنكار والتردد إلى أن وجدوه يشمر عن ساعديه ويذهب إلى تنظيف أقل الأماكن نظافة وهو الحمام فوجدوا أنفسهم مضطرين بحكم الحرج أن يكونوا على قدر المسئولية ففعلوا مثلما فعل كبيرهم الذى علمهم الخلق وأعطاهم المثل. وحينما رويت له القصة بعد ذلك بسنين، رد بكل تواضع أن من نقلت القصة بالغت فى بعض تفصيلاتها وأن الشباب هم الذين بادروا بتنظيف المكان وهو فقط ساعدهم.
لكن الأهم كان تعليقه عن أن الإنسان المصرى يوجد داخله تكوين حضارى موروث لا يكشف عن ذاته إلا فى بيئة مناسبة وقيادة تضع له أهدافا محددة تخاطب فيه هذا الموروث الحضارى. وكان من أوائل من لفت نظرى لأهمية متغير القيادة فى بناء وبنية أى مؤسسة وهو ما يصدق على الدولة العصرية بحكم أنها مؤسسة المؤسسات.
وكان نبيلا حين قدمنى للأستاذ مكرم محمد أحمد بعدة أوصاف لا أستطيعُ تكرارَها ولكنه أكد على إحداها لأنها تعبر عنه هو شخصيا بامتياز وأصبحت قيمة غائبة مع الأسف بين أغلبية أصحاب القلم المصريين وهى الاستقلالية السياسية والفكرية والمصلحية. وأفاض فى تشخيص أحوال البيئة الثقافية المصرية وكيف أنها أصبحت تابعة للأجندة السياسية للدولة وأن المثقفين المصريين لم ينجحوا فى أن يحددوا أجندة مستقلة للمجتمع بمعزل عن أجندة الدولة وأن هذه ستكون مهمة صحيفة «البديل» حين تصدر.

كان نبيلا وهو يدافع عن الإنسان المصرى مؤمنا به وبقدرته على أن يستعيد مخزونه الحضارى بسرعة شديدة حين يجد معه وأمامه من يقودُه إلى مشروع وطنى مخلص يجمع بين أبناء الوطن على اختلاف طوائفهم السياسية والاجتماعية فتكون شدتهم فى الحق سيلا من العطاء لوطنٍ يستحقُ منا الكثير.
كان نبيلا حينما طلب إلىّ أن أشارك فى مقالات الرأى بصحيفة «البديل» ولكننى طلبت إليه شاكرا أن يعيد تقييم دعوته لى لأننى لست يساريا فرد بنبل أصحاب النفوس الكريمة: «ولكنك شاب مصرى صاحب رأى ورؤية لا بد أن ترى النور» (أعتذر لو كان فى هذا الكلام أى شبهة مدح للنفس، فهذا ما لا أقصده يقينا). وأقسِمُ بالله غير حانث، إننى كنت أتشكك أنه يخطابُ شخصا غيرى فأنا لا أعرف إن كان جادا فيما يقولُ بشأن الرأى والرؤية أم هو اختلط عليه الأمر فيظننى شخصا آخر.
ولكننى لم أستطع أن أراجعَه فيما قال طويلا حتى لا يظنَ أننى أدّعى التواضعَ متظاهرا به أبتغى فقط منه أن يكررَ على مسامعى مديحَه. فطلبتُ منه أن نُجربَ لمدة محددة عسى أن يكون فيما أكتبُ بعضٌ مما يتوقعُه، مع حقه تماما فى أن ينشر فى المساحة المخصصة لى أى مقال آخر يراه أولى بالتقديم، وهو حق أصيل له لم يكن بحاجة لى أن أكرره عليه، لكنه نهانى أن أفكر بهذه الطريقة أصلا لأن المثقفَ الحقيقى يكتب بيقينٍ حاسم وإحساس صادق بأنه يكتُبُ ليغيّرَ العالم نحو الأفضل، وأنه سيُقدِمُ على هذه الرسالة سعيدا بها مُستشعرا أهميتَها، وأن قُراءَه ينتظرونه كى يساعدَهم على تبصرِ جوانب الحقيقة المختلفة التى يملكُ منها وجها واحدا فقط وللآخرين الحق فى تَبيُن وجوهِها المختلفة، وهو موقف ليبرالى رائع ناضج وواعٍ.

وحين حصل على جائزة الدولة للتفوق، اتصلت مهنئا وقلت له «رائع أن يصحَ الصحيحُ فى مصرَ أحيانا، فهذا يعطى الأملَ فى أن صوابَ الاختيار ما زال ممكنا!» فرد مستغربا أننى أتشككُ فى أن صوابَ الرأى لايزال ممكنا بل ومنتقدا نبرة عدم اليقين فى تعبيرى عن إمكانِ أن يصح الصحيح. «اشتغل إنت بس ومالكش دعوة» كان رده القاطع بألا أفكر طويلا فى العقبات أو فى العواقب الذاتية للعمل والاجتهاد وأن الإحباط أو الخوف من الفشل ليس بديلا أخلاقيا. وكان درسا آخر من مثقف نبيل.
ويوم أن قلت له إننى سأسافر إلى الولايات المتحدة لفترة لا أعرف مداها، صمت صمتا له صوت، وسكن سكونا تمنيت أن يقطعه بأى كلمة: عتابا أو تشجيعا أو حتى استفسارا، ولكنه اعتبر أن سفر أمثالى نجاح لقوى التخلف فى طرد أبناء مصر خارجها، وحين جاء وقت الرحيل قال لى: «لا تذهب إلى هناك وتنسى مصر». وقلت له: «ما قدرش».
رويت له ذات مرة حوارا دار بينى وبين أحد باعة الصحف: هل لديك «البديل»؟ فقال لى: وما البديل؟! قلت له هذه صحيفة أعتقد أنها أكثر الصحف المصرية احتراما. قال لى إذن «البديل» هذه لن تنجح لأن ما ينجح فى مصر هو الصحف غير المحترمة.

رويت للمرحوم هذه المقولة القاسية طالبا رأيه، فرد النبيل محمد السيد سعيد: «حتى وإن فشلنا فلنا شرفُ المحاولة». فقلت له يا دكتور محمد إنت شخصيا محاولة عظيمة من مصر كى تتصالح مع ذاتها الحضارية، فرد بابتسامة متواضعة وكريمة ونبيلة: «أشكرك». وكان هذا آخر لقاء بينى وبينه.
حاولى مرة أخرى يا مصر، انجبى لنا المئات والآلاف من أمثال هذا الرجل النبيل، فلن ننجحَ إلا إذا ساد أمثالُ هذا الرجل الذى كان يعتقد أننا لن ننجح إلا إذا كانت ثقتُنا فى النجاح تتخطى بمراحل مخاوفَنا من الهزيمة ومللَنا من المحاولة.
نادرا ما أبكى على رحيل الناس، لاعتقادى أنهم قفزوا إلى ما نحبو إليه وكأننا أمواتٌ مؤجلون نبكى أمواتا سابقين، ولكن مع هذا الرجل غلبتنى إليه دموعى لحبى واحترامى لنبيلٍ لا أعرفُ مثله كثيرين. رحمة الله عليه، وأنقذ مصر من وهدتها، وأسكنه وإيانا فسيحَ جناته. آمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty15/10/2009, 6:31 pm


لكن الحلم يبقى
بقلم: أحمد يوسف أحمد

الشروق عدد 15 اكتوبر 2009
ما زلت أذكر ذلك المشهد كأنه وقع بالأمس. قاعة الاحتفالات الكبرى فى جامعة القاهرة فى يوم من أمجد أيام الحركة الطلابية فى مطلع سبعينيات القرن الماضى وهى تغص بالآلاف من الطلاب، حيث لا موضع لقدم يبحثون فى شـأن الوطن، وفى «عام الحسم» الذى تأخر، وذلك الشاب الأسطورى أحمد عبدالله رزة يجلس خلف المنصة الرئيسية، وقد لف كوفيته الحمراء الشهيرة حول عنقه، يضبط حركة هذه الآلاف المؤلفة فى اقتدار لا يصدق، ويشرح فى هدوء ووضوح بنود خلاصة تم التوصل إليها بعد نضال اتخذ أحيانا سمة عنيفة، وامتد أياما طويلة.


كان الجميع ينصتون إنصات المقتنعين، وربما الفخورين بهذه الخلاصة التى قد لا تعبر عن أقصى أمانيهم، لكنها بكل المعايير كانت انتصارا واضحا للحركة الوطنية للطلاب. وفجأة ينشق الهدوء عن صوت مدو ينبعث من المستوى الأول لمدرجات القاعة على يسار المنصة يعلن اعتراضه الحاسم على ما يقال باعتباره تراجعا لا يليق. نظرت إلى أسفل فقد كنت أجلس فى المستوى الأعلى فى القاعة فوق المكان الذى انبعث منه ذلك الصوت المدوى. لم يكن صاحب هذا الصوت سوى محمد السيد سعيد الذى كان فى ذلك الوقت طالبا بقسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، ولم يكن هذا الموقف الذى يخيل للناظر إليه أن صاحبه يحترق غضبا وهو يعبر عنه سوى خير تعبير عن شخصية ذلك الشاب التى جمعت فى وقت مبكر للغاية بين العمق الفكرى غير المألوف والصلابة السياسية والتوجه الثورى.

عرفت محمد السيد سعيد فى مرحلة كنت أسمى نفسى فيها نصف طالب ونصف عضو هيئة تدريس، فقد كنت معيدا حديثا فى القسم الذى كان يدرس فيه ما زال أمامى طريق طويل من الدراسة والبحث العلميين حتى أثبت نفسى فى هيئة التدريس بالقسم، وشاء حظى أن تكون بداية تعاملى كمعيد مع دفعة محمد السيد سعيد التى لم يكن يفصلها عن دفعتى سوى دفعتين، ومن خلال الدروس العملية التى كان يتعين علىّ القيام بها عرفت فى محمد السيد سعيد الصفات التى سبق وأن أشرت إليها، والتى لا أعتقد أنها توفرت لاحقا لسواه، وإن اقترب منها عبر عشرات السنين من التدريس فى قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية عدد لا يزيد على أصابع اليد الواحدة.
تغيرت مياه كثيرة بعد ذلك فى نهر الحياة فى مصر وغيرها، وتلاطمت أمواج التغيرات التى شهدها الوطن بفعل فاعل، بالإضافة إلى ما شهده العالم من تغيرات جذرية غير متوقعة. تداعت التجربة «الاشتراكية» فى مصر فى عهد السادات، وبصفة خاصة بعد حرب أكتوبر 1973، ولم يكن محمد السيد سعيد على أى حال يعتبرها تجربة اشتراكية حقيقية، وسقط النموذج السوفييتى ومعه نماذج الحكم الشيوعى فى أوروبا الشرقية، وبدا وكأن الهيمنة الأمريكية تطول الجميع، وحدثت تحولات فكرية لدى معظم أفراد النخبة الفكرية المصرية ومنهم محمد السيد سعيد، غير أنه بينما بدا التحول بالنسبة للكثيرين أقرب إلى «الانقلاب» فإن تحول محمد السيد سعيد كان تطورا إلى الأفضل. هكذا حافظ على رؤيته الفكرية وإطاره النظرى وأدواته المنهاجية وإن خلَّص هذا كله من أى انحيازات أو مواقف مسبقة، ودخلت الليبرالية الحقة إلى منظومته الفكرية عبر اقتناع حقيقى وليس لمجرد استكمال «الديكور» الفكرى كما فعل الكثيرون، وإن نطق سلوكهم بعكس ما يقولون.

هكذا ظل محمد السيد سعيد نصيرا للإنسان فى أوسع معانيه. لم ترهبه سلطة، ولم يُغْره منصب، فكان نموذجا لمفكر حق على وطنه أن يخلده، وكنت أقول لنفسى ولغيرى فى معرض الحديث عن التطور الذى لحق بفكر محمد السيد سعيد إنه «محمد سيد أحمد» جيله، كما أن «محمد سيد أحمد» هو «محمد السيد سعيد» فى جيله، فكلاهما نجح فى أن يحتفظ بمنطلقاته الفكرية ونهجه التحليلى دون أن يجعل من أى منهما قيدا بأى حال من الأحوال على حرية فكره، وانطلاقه إلى الآفاق الرحبة لفهم ما يجرى فى الوطن والعالم من حوله.
تمتع محمد السيد سعيد بهدوء لافت فى كل نقاشاته ومساجلاته الفكرية، وأحسب أن هذا الهدوء نتيجة طبيعية لصفاء النفس والتصالح معها، كنت تسمعه فى بداية أى نقاش فيخيل إليك من فرط هدوئه أنه بسبيله إلى أن يقول كلاما عاديا لمجرد سد الفراغ، فإذا بهذا الهدوء ينقلك من فكرة لأخرى حتى يصل بك إلى خلاصة مبهرة. لم أسمع منه يوما شيئا مكررا، وكان معنى هذا أنه لم يكن يتحدث أبدا لمجرد الحديث، وإنما ليقول ما هو جديد ومفيد، وبدا هدوءه وأدبه الجم فى الحوار غير متسقين فى كثير من الأحيان مع المواقف الصارمة غير المهادنة التى كان يتبناها دائما فى كل ما يؤمن به من قضايا، ولهذا لم يكن محمد السيد سعيد أبدا موضوعا لملاسنات ومشاحنات فكرية، إذا جاز التعبير، لأن أطروحاته كانت تتسم دائما بالمنطقية، ناهيك عن أدبه فى طرحها، وهكذا نال السلطة على سبيل المثال ما نالها من مواقفه، لكن أحدا لم يجرؤ على أن يشير إليه بأصابع اتهام أو بشبهة تجريح، بل كانت النتيجة دوما هى الاحترام لشخص لم يخلص إلا لقضيته دون سواها.

لم أختلف معه فى مواقفه الفكرية إلا قليلا، لكننى لم استرح منذ البداية لمشروعه الأخير ــ رئاسة تحرير صحيفة يومية ــ وكان ظنى أن مفكرا بهامة محمد السيد سعيد وطبيعته لم يكن يصلح لمنصب رئيس تحرير صحيفة يومية تحتاج جهدا إداريا فائقا، ودخولا فى تفاصيل لم يتعود عليها، وحرصا على اجتذاب قارئ قد لا يرضيه المحتوى الفكرى الرصين بالضرورة أكثر مما ترضيه أخبار الفن أو الرياضة، وقلقا على التوزيع والإعلانات، وكنت أحسب أن محمد السيد سعيد مطلوب بإلحاح لمشروع فكرى نهضوى رائد يمكن أن تعبر عنه دورية فكرية عميقة تصدر شهريا.
صحيح أن رسالتها لن تصل بالتأكيد إلى المواطن العادى الذى دافع سعيد دوما عن قضاياه، لكن مردودها سوف يكون فى التحليل الأخير لصالحه بالتأكيد.
شغلتنا الحياة فلم نعد نلقى الأحبة والأصدقاء والزملاء إلا فى المنتديات الفكرية، ومناسبات العزاء فى فقد من نعزهم، ولذلك كانت المرة الأخيرة التى التقينا فيها منذ عام كامل تقريبا فى أبو ظبى بمناسبة المنتدى السنوى لصحيفة الاتحاد الإماراتية.
كانت علامات المرض اللعين قد بدأت تظهر عليه، لكنه بدا محتفظا بكامل هدوئه وسكينته مع نفسه، متألقا فى كل ما أدلى به من أفكار أثناء المداولات كعادته، ودار حديث بين بعض الزملاء بعيدا عنه عن مسئولية الدولة فى علاج شخص أعطى للوطن عمره، ولو صح أن الحكومة الفرنسية قد تحملت تكاليف علاجه فى الفترة التى قضاها فى باريس فسوف يكون هذا مصدر خزى لكل مصرى. بدأت ألاحظ بعد ذلك اختفاء إسهاماته الفكرية الثاقبة فى المنابر التى كان يكتب فيها، وكنت متابعا دءوبا لها، وتوجست من هذا نذيرا بسوء ما هو قادم.

لم أكن قد قرأت صحيفة الأهرام صبيحة يوم وفاته قبل أن أغادر منزلى إلى عملى، لكننى علمت بنبأ الوفاة من فيض المشاعر الجميلة التى انسابت عبر شبكة المعلومات يتحدث أصحابها عن أستاذهم ومثلهم الأعلى. لكن المحزن أن الملايين من أبناء مصر البسطاء لا يعرفون بالتأكيد ذلك الابن البار الذى سخر فكره من أجلهم، مع أنهم بالتأكيد يعرفون أدق التفاصيل عن أتفه لاعبي كرة القدم والفن فى مصر، وهم معذورون، فنصفهم على الأقل أمى، وآلة الإعلام الجهنمية تجذبهم بعيدا عن كل ما هو جاد ومثمر، من أجل نصيب أكبر من كعكة الإعلانات التى باتت تعكس أكثر المصالح توحشا.
لكن يقينى غير محدود بأن محمد السيد سعيد لن يكون مجرد شهاب مرق فى سماء مصر بسرعة يشير إليها عمره القصير، وإنما هو أساس صلب من أسس نهضة قادمة وتغيير إلى الأفضل يحلم به الجميع، حتى وإن لم يسمعوا يوما عن إنسان يدعى محمد السيد سعيد، ولد فى مصر، وتربى على أرضها، ونهل من عبقريتها، وصاغ حلما لغد أفضل، يضعه فى موقع الصدارة فى تاريخ هذا الوطن مع أولئك الذين حملوا مشاعل التنوير والنهضة والعدل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty17/10/2009, 2:47 pm


محمد السيد سعيد
بقلم: عماد الدين حسين

الشروق 14 اكتوبر 2009
ذات مساء صيفى، عام 1989، كنت أجلس فى حديقة نقابة الصحفيين، قبل أن تتحول إلى علبة أسمنتية موحشة، وفجأة دخل ثلاثة أو أربعة أشخاص، أحدهم كان نحيلا ومرهقا ومغبرا، وتبدو عليه علامات التعذيب.

هذا الشاب الأربعينى وقتها كان محمد السيد سعيد، وكان خارجا لتوه من اعتقال دام شهرا بتهمة التضامن مع عمال مصنع الحديد والصلب.. وهى التهمة التى تحولت بقدرة قادر إلى الانتماء لتنظيم سرى تروتسكى وما يتبعها من تهم أخرى تبدأ من تأليب الطبقات وتنتهى بإسقاط نظام الحكم. فى هذا الوقت بدأت أتعرف وأنا فى مقتبل حياتى المهنية على هذا الرجل ثم صار أحد مصادرى الرئيسية فى التحقيقات السياسية.
ومن أول وهلة وقعت فى حبه، وعندما أخبرت أحد الأصدقاء بذلك لم يتعجب وقال أى إنسان يعرف هذا الرجل ولا يحبه أو يحترمه فهو شخص غير سوى.
ذهبت إلى دبى للعمل وفوجئت به ذات يوم يدخل مكتبى، فقد جاء للتعاقد مع جريدة «البيان» ليعمل مديرا لمكتبها فى القاهرة.
قابلت مصريين وعربا كثيرين يأتون للتفاوض أو البحث عن عمل فى الخليج، لكنى لم أقابل شخصا بمثل هذا الشموخ والتعفف والاستغناء عن المادة، فى هذا الموقف وذلك الوقت شعرت بالفخر أننى مصرى لأن هذا الرجل مصرى.
ولأنه مصرى من معدن مختلف فلم يعمر فى مكانه طويلا، وأول شىء فعله كان التأكد من حصول كل الزملاء العاملين معه فى المكتب على حقوقهم أولا، فى ظل عادة قبيحة مفادها أن الوظيفة الرئيسية لمديرى مكاتب الصحف العربية فى القاهرة هى سرقة عرق وجهود الصحفيين العاملين معهم أولا.
وإذا كان تعريف كلمة «يسارى» هى الانحياز الحقيقى لمصالح الفقراء والبحث عن العدالة الاجتماعية المفقودة فإن محمد السيد سعيد يعد أول اليساريين وأشرفهم، فى زمن امتهن فيه كثير من اليساريين بيع مواقفهم وتاريخهم لمن يدفع أكثر.
وإذا كان تعريف كلمة «ليبرالى» هى الانحياز للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فإن محمد السيد سعيد هو الليبرالى الأول فى مصر، فالرجل دافع عن كل هذه القيم دون أن تنحرف بوصلته يوما إلى مؤسسات تمويل مشبوهة فى الغرب أو حركات ومنظمات ترفع شعارات براقة وتعمل فى خدمة أجهزة مخابرات كبرى أو حتى صغرى.
يمكن أن تقول كل ما هو نبيل عن هذا الرجل، لكن الصفة الأكثر التصاقا به أنه إنسان.. أحد الزملاء قال لى إن ريفيا بسيطا جاء إلى جريدة «البديل» ليقدم شكوى، فرآه محمد السيد سعيد، وكان الوقت فى بدايات اكتشاف مرضه، ورغم ذلك قطع كل الجريدة طولا وعرضا ليبحث له عن كرسى، وعندما وجد الكرسى حمله، وعاد به للرجل ليجلسه عليه.. محمد السيد سعيد يفعل ذلك لأنه يؤمن به، ولا يفعله ادعاء أو منظرة، كان يبحث فعلا عن اشتراكية حقيقية ذات وجه إنسانى.
الآن وقد رحل محمد السيد سعيد عنا، اكتشفنا فجأة كم كان عظيما وجميلا.. لماذا لم نخبره جميعا كم كنا نحبه، ونجله ونحترمه.
لو كنت صاحب قرار لكنت صممت صومعة ليجلس فيه محمد السيد سعيد وأمثاله، كى يفكروا لنا ماذا نفعل وكيف نحل مشاكلنا، لو كنت مسئولا، ما تركت هذا الشخص ينشغل بأمور يمكن للأشخاص العاديين أن يفعلوها، كيف نترك هذه العقلية المولدة للأفكار والموغلة فى التخيل والابتكار تغرق فى تفاصيل ودهاليز العمل اليومى والروتينى؟.
ليس السرطان وحده هو من اغتال الرجل، لقد اغتاله التخلف والجهل وتحالف الأغبياء والمناخ الفاسد الذى يحارب كل عقل حر ومبدع يرفض الدخول فى حظيرة المصفقين.
العزاء لنا جميعا ولأسرته ولكل محبيه وللعزيزة نور الهدى زكى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty18/10/2009, 10:50 pm


في صحبة ووداع محمد السيد سعيد
بقلم: د‏.‏ طه عبد العليم

الأهرام عدد 18/10/2009
طوال ما يزيد علي أربعة عقود‏,‏ ومهما تباينت رؤانا الفكرية والسياسية‏,‏ لم ينقطع اتصالنا‏,‏ وتعمقت صداقتنا‏,‏ حتي لقائي الأخير معه بصحبة صديق عمرنا المشترك الدكتور عبد المنعم سعيد في المستشفي‏.‏ وبينما كان حديثنا إليه خلال اللقاء الأخير‏-‏ شأن محادثتنا الهاتفية معه وهو في باريس‏-‏ عن أملنا في شفائه‏,‏ جاء ردنا علي كلماته عن‏'‏ رحلة الوداع‏'‏ الأخيرة للقاهرة هو اتصالاتنا للتعجيل بإجراءات سفره ومرافقيه إلي أمريكا‏,‏ أملا في فرصة لاحت للعلاج وإن بدت طفيفة‏;‏ بعد عودته من فرنسا باستنفاد فرص أفضل علاج له في الخارج‏.‏


وفي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية كان‏'‏ محمد الإنسان‏'‏ لقب الصديق محمد السيد سعيد بيننا‏..‏ نحن أصحابه من خريجي عام‏1972,‏ الدفعة العاشرة أو حاملي اللواء العاشر كما أطلقت عليها إحدي مجلات الحائط‏,‏ أهم المنابر الصحفية بالجامعات في مطلع سبعينيات القرن الماضي‏.‏ ولا أتذكر من الذي ألصق صفة‏'‏ الإنسان‏'‏ النبيلة باسمه‏,‏ لكنه استحقها بغير جدال‏,‏ لأنه إلي جانب كرمه المعهود وحسه الإنساني العميق كان بين قلة ممن قابلت في حياتي المديدة ينطبق عليه قول ماركس الشهير‏:'‏ كل ما هو إنساني‏..‏ ليس غريبا عني‏'.‏ فقد كانت ماركسيته إنسانية النزعة‏,‏ شأن الماركسية المبكرة قبل أن يلحق بها التشوه‏,‏ حتي ذاع القول بأن ماركس لو رأي الماركسيين اللاحقين لصاح‏:'‏ لست ماركسيا‏'!!‏

وقد شاءت الأقدار أن التحقت مع صديقي‏'‏ محمد الإنسان‏'‏ في ذات القسم بالكلية‏,‏ وخدمنا معا جنديين بالقوات المسلحة في كتيبتين بذات اللواء في العين السخنة‏,‏ وعملنا معا بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في وحدة دراساته الاقتصادية‏,‏ وتواصلنا خلال دراساتنا العليا في روسيا وأمريكا‏,‏ وعدنا لنعمل معا تحت قيادة أستاذنا وصديقنا السيد يسين‏,‏ ثم نائبين لصديقنا عبد المنعم سعيد‏,‏ حتي كان الهاتف وسيلة اتصالي به خلال أشهر علاجه الأخيرة في فرنسا‏,‏ لأطمئن منه علي صحته‏,‏ وأتابع وصول تحويلات الأهرام إليه لتغطية جميع تكاليف إقامته للعلاج‏.‏
وبعد التخرج إلي كتيبتين بذات اللواء من المشاة الميكانيكية في منطقة العين السخنة انتقلت وصديقي من مركز تدريب المعادي‏,‏ واستمرت خدمتنا معا ثلاث سنوات قبل وبعد حرب أكتوبر المجيدة‏,‏ كثيرا ما كان يزورني في موقعي علي طريق ذهابه وإيابه من الإجازات‏.‏ ورغم نجاته من استشهاد محقق‏,‏ حين تطوع مع مجموعة جند وضباط بواسل في عملية شبه انتحارية‏,‏ وقع‏'‏ محمد الإنسان‏'‏ في أسر العدو الاسرائيلي الذي أخفق في كسر إرادته‏.‏ فقد خرج صديقي من الحرب والأسر مفعما بالوطنية المصرية التي لم تنتقص منها أمميته‏,‏ واستمر محاربا صلبا للعنصرية الصهيونية برغم دفاعه الشجاع اللاحق عن السلام العادل‏.‏
ولأنني كنت ناصريا طوال سني الجامعة‏,‏ فقد جاء اشتراكي مع صديقي الماركسي في حركة التضامن مع الثورة الفلسطينية التي تصاعدت بعد عام‏1970,‏ ثم في الحركة الطلابية الوطنية الديمقراطية حتي عام‏1972,‏ من مواقع فكرية وسياسية مستقلة‏,‏ وإن ساهم‏'‏ محمد الإنسان‏'‏ في اقترابي من اليسار الوطني‏.‏

وإلي مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام انتقلنا معا‏-‏ من عملي بالتجارة الخارجية ومن عمله بوزارة الثقافة بعد انتهاء خدمتنا العسكريةـ للعمل باحثين لبعض الوقت في الاقتصاد السياسي بترشيح أستاذنا الدكتور عمرو محيي الدين‏,‏ حتي قرر أستاذنا السيد يسين تعييننا بالمركز‏.‏ وفي وحدة الدراسات الاقتصادية وقبل سفرنا للدراسات العليا تعلمت من صديقي ومعه أهم ما تعلمت وهو الدأب في البحث‏.‏ ورغم عشقي للمعرفة شأن صديقي‏,‏ و برغم كثرة ما قرأت طيلة حياتي‏-‏ وخاصة خلال أكثر من ثماني سنوات في الإعداد لبرنامجي‏'‏ دائرة الحوار‏'‏ والأهم في السنوات الخمس اللاحقة لعملي رئيسا للهيئة العامة للاستعلامات‏-‏ استمر صديقي الأوسع ثقافة مني ومن جميع أقرانه بفضل نزعته التي لاتباري للثقافة الموسوعية‏.‏

وقد كانت النزعة العلمية الصارمة والنزاهة الفكرية القويمة والعقلية النقدية الموضوعية وراء تفرد صديقي‏,‏ الذي جعله ـ كما وصفه بحق حوار جاد معه ـ‏'‏ أكثر اليساريين ليبرالية‏,‏ وأكثر الليبراليين يسارية‏'.‏ وقد استمر الاحترام المتبادل بيننا‏,‏ ولم تتزعزع ثقتنا المتبادلة بأن كلا منا‏-‏ مهما تكن اجتهاداته‏-‏ لا تدفعه سوي منظومة قيم تستهدف التقدم الشامل لمصر‏,‏ فكان ضيفا معي في عدد من حلقات دائرة الحوار‏,‏ وقدم دون تردد ما طلبته منه من عون علمي خلال عملي بالاستعلامات‏,‏ ثم عرض علي أن أعمل معه في أي موقع أريد بجريدة البديل التي أسسها قبل أن يستقيل من رئاسة تحريرها‏;‏ فاعتذرت واحترم اعتذاري‏
وبقي الاحترام متبادلا واستمرت الصداقة موصولة‏!‏ وقد أشدد هنا علي أن يقيني كان ولا يزال أن البحث العلمي الاجتماعي في مصر قد خسر جهود عالم لحساب الحركة السياسية والحقوقية‏;‏ لكنها اختيارات كل امريء في الحياة بتكلفتها وعائدها‏!‏ وقد كان صديقي ابن جيل قرر أن يبقي‏'‏ جسرا لا يتحطم‏',‏ وأن يرفض أن يكون‏'‏ وقتا ضائعا بين الوقتين‏'.‏ وهكذا كان مع جيله جسرا للعبور من هزيمة يونيو إلي نصر أكتوبر‏,‏ وكان بدفاعه عن‏'‏ حقوق الإنسان‏'‏ متعجلا لأوان انتقال مصر مع العالم بأسره إلي عصر تحترم فيه جميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للإنسان‏!‏ وقد جاء كفاحه من أجل حقوق الإنسان كما رأيته تعزيزا لنزعته الإنسانية وتجسيدا لأهم معاني صحبته‏,‏ فقد علمتني الحياة أن الإنسان لا يقاس بأفكاره المعلنة وشعاراته الصاخبة وإنما بقيمته الإنسانية‏.‏ وهنا بالذات يكمن الأساس الراسخ للصداقة التي جمعتنا حيث تتباين الأفكار‏,‏ وقد تتباعد وتتصادم‏,‏ وتبقي الصفات الأخلاقية أهم ما يجمع البشر‏!‏ وليس هذا بجديد‏
فقد كان إبداع المصري القديم للأخلاق قبل أكثر من خمسة آلاف عام أساس كل اقتراب بين‏'‏ الإنسان وأخيه الإنسان‏'‏ بدءا من الصداقة‏,‏ التي كتب عنها صديقنا عبد المنعم سعيد رائعته‏'‏ صديقي محمد السيد سعيد‏',‏ وحتي بناء أعرق أمم الأرض قاطبة علي أرض المحروسة‏!‏

وفي أحاديثنا الأخيرة عبرت والصديق عبد المنعم سعيد عن افتقادنا الحقيقي لجهده الذي لا بديل له في تطوير الأهرام‏,‏ حيث تدفقت أفكاره المتألقة دوما عن تنفيذ مشروعات لاستعادة وارتقاء الدور الثقافي التنويري للأهرام‏,‏ وهو ما عاهدناه علي إنجازه‏,‏ وبدأت أولي خطاه‏.‏ وفي وداع صديقي‏'‏ محمد الإنسان‏'‏ تدفق دمعي العزيز‏..‏ غزيرا يبكي عزيزا‏..‏ فور سمعت خبر وفاته علي الهاتف‏,‏ وبجوار مسجد العباسي في انتظار جثمانه ببورسعيد مسقط رأسه للصلاة عليه‏,‏ ومع خطي جنازته الشعبية والرسمية البسيطة الوقورة‏,‏ وإبان دفنه مع نشيج شقيقه السيد سعيد المخرج السينمائي المبدع ينتحبه أخا وإبنا‏,‏ حتي كان أن تلقيت وصديقنا عبد المنعم سعيد العزاء فيه مع ابنه مروان وزوجته نور الهدي وأفراد أسرته وتلاميذه وأصدقائه ومحبيه‏,‏ وهو العزاء الذي جمع شتي ألوان الطيف الفكري ووحد عدة أجيال وشهد رموز شتي الأحزاب وجمع كل من تعلم منه وعلمه‏.‏
وكان وداع القاهرة الأخير للصديق‏'‏ محمد الإنسان‏'‏ بمسجد عمر مكرم‏-‏ الزعيم العظيم لثورات المصريين ضد ظلم المماليك وضد حملة الفرنسيين‏,‏ والذي قاد تنصيب الشعب لمحمد علي واليا علي مصر ليعيد بناءها في عصر نهضتها الحديثة‏-‏ رمزا يليق بوداع‏:‏ صاحب مشروع متفرد لنهضة مصر ومؤمن بتقدمها الشامل المأمول والمحتوم‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty18/10/2009, 10:51 pm


رحيل الفارس النبيل
بقلم: محمد أبو الغار

المصرى اليوم عدد 18/ 10/ 2009
رحل عن دنيانا الدكتور محمد السيد سعيد بعد رحلة طويلة مع المرض اللعين بين القاهرة وفرنسا، وترك فجوة فى الحركة الوطنية المصرية، وجرحاً غائراً فى قلوب أصدقائه.


كان محمد السيد سعيد طالباً نشيطاً فى الجامعة، وحارب كجندى فى معركة العبور عام 1973.
كان أيضاً عقلاً جباراً ومفكراً عظيماً، ولم يكن يستغل ذلك فى الوصول إلى الزعامة السياسية، وإنما كان يصوغ الفكر فى جملة سهلة، ليناضل به فى الشارع المصرى بين زملائه من الناشطين السياسيين وأصدقائه من المثقفين، ويحمله بين جنباته وهو صحفى نشيط أو محلل سياسى.
لم ينفصل محمد سعيد عن ناسه وأهله، وكان يعبر عنهم بقلمه وعمله، وكان يعيش بين الناس وللناس، لم يكتب كلاماً كبيراً لا يفهمه أحد، ولم يطلب من أحد عملاً من المستحيل إنجازه.
وقد اعتقل محمد السيد سعيد حين تضامن مع عمال الحديد والصلب، ووقع على بيان تضامن معهم، وناله من بطش الداخلية الكثير، وعُذب مع زميله الأستاذ مدحت الزاهد بطريقة وحشية أثارت نقيب الصحفيين آنذاك الأستاذ مكرم محمد أحمد حين ذهب لزيارتهما، وقال لضابط السجن: «أنتم جزارون»، وخرج من المعتقل وهو يشعر بمدى الظلم والطغيان الذى ينال المصريين من شرفاء الوطن، وخرج ليدافع عن كل معتقل فى سجون مصر. وأنشأ صحيفة رائعة هى «البديل» وللأسف لم تستطع الاستمرار للصعوبات المالية.

لم يكن محمد السيد سعيد يسارياً بالتعريفات الأكاديمية والمذهبية، ولكنه كان يعرف أنه لا حرية حقيقية دون عدالة اجتماعية، ولذا كان موقفه واضحاً فى الدفاع عن الطبقات الدنيا، ولكنه لم يكن له موقف مضاد لأى رأسمالية وطنية غير مستغلة.وقد لعب د.محمد السيد سعيد دوراً كبيراً فى تنظيم جمعية حقوق الإنسان فى مصر منذ فترة مبكرة، وكان محمد السيد سعيد نموذجاً للمفكر المتسق مع نفسه، الذى يقول الحق دائماً.
ففى عام 2003 أثناء اللقاء السنوى الذى تعود الرئيس على إقامته كل عام بمناسبة الاحتفال بمعرض الكتاب، والذى يدور فيه حوار لا يذاع على الهواء، وإنما تذاع منه مقتطفات بعد عمل المونتاج اللازم، وقف الدكتور محمد السيد سعيد بأدب شديد وبلغته الراقية المعروفة عنه، وطالب الرئيس بأن تتوقف الشرطة عن إساءة معاملة أهل سيناء، ووجوب مكافحة الفساد، وطالب بتغيير الدستور وطرح الفرصة لأكثر من مرشح للمنافسة فى رئاسة الدولة، وكان غضب الرئيس عارماً واتهمه بالتطرف، وتوقف لقاء الرئيس بالكتاب والصحفيين فى السنوات التالية، والحقيقة أن ما قاله د.محمد السيد سعيد هو ما يقوله أغلبية المصريين، ولكن المشكلة أن الرئيس لا يصل إليه ما يقوله المصريون، ولذلك ظن أن هذا فكر غريب ومتطرف وليس رأى الشعب كله، الذى لا يصل للرئيس بسبب الحواجز البشرية والإلكترونية التى تحيط به، ولم يكن الرئيس سعيداً بأسئلة الدكتور محمد، ولكن الشعب كله حين عرف بالحوار كان سعيداً بهذا الرجل الجميل. لم يطلب محمد السيد سعيد منصباً طوال حياته، ولم يجر وراء وزراء ورؤساء، ولم يتزلف لأحد، بل كان دائماً مرفوع الرأس، هادئاً صافياً محباً لناس مصر وشعبها.

أسعدنى الحظ بمعرفة د.محمد السيد سعيد فى السنوات العشر الماضية، وكنت على اتصال به خلال مرضه، وكانت آخر مكالمة تليفونية له فى المستشفى فى باريس قبل أسبوعين من وفاته، وقال لى إن الأطباء أخبروه بأنه لا فائدة وهم لا يستطيعون عمل شىء، وأن المناعة قد فقدت تماماً، ونصحوه بالعودة إلى مصر، وقالت لى زوجته الأستاذة نور الهدى إنهما سوف يعودان خلال أيام قليلة. وعاد محمد السيد سعيد إلى أرضه بين أحبابه وأصدقائه ليرحل من مدينته بورسعيد.. وداعاً للدكتور محمد السيد سعيد الفارس النبيل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty20/10/2009, 9:20 am


أشعلت فينا جذوة العدل والنهضة.. يا محمد
بقلم د. إبراهيم البحراوى

المصرى اليوم عدد ٢٠/ ١٠/ ٢٠٠٩
عندما صعدت درجات مسجد عمر مكرم لأشارك فى عزائك، وجدت أمامى مشهدا مهيباً كان أمام طابور رفيع المستوى من حرس الشرف فى استقبال المعزين يضم كوكبة الباحثين فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام يتوسطهم كبيرهم د. عبدالمنعم سعيد ود. طه عبدالحليم ومحمد عبداللا وضياء رشوان. كانت وجوه هذه النخبة مكتسية بالحزن وبالوقار فى وقت واحد على تنوع تياراتهم الفكرية.


فى الداخل كان الزحام شديداً من جميع أحزاب وجامعات ورجالات الفكر والفن والثقافة. كانت لحظة العزاء فيك عزيزى د. محمد السيد سعيد لحظة للكشف عن ميل عميق لدى المثقفين المصريين، وأعنى المشتغلين بالمهن الثقافية - للتماسك والترابط. لقد منحتهم عزيزى سواء هؤلاء الذين اصطفوا أمام المسجد فى انتظار أن يخلو لهم مكان أو أولئك الكتاب الذين كتبوا عنك جذوة متقدة فى القلوب والعقول.
انظر ما الصفات التى حملتها عناوين الكلمات التى كتبت عنك لقد قالوا فى صفاتك الإنسانية وطباعك أنك دمث الخلق دقيق الحاشية، وأنك إنسان نبيل ورجل كريم وفارس شجاع وصاحب مروءة ونجدة وأنك خال من الأطماع والأنانية، وأنك خلوق هادئ الطبع متسامح إلخ..

ما أجمل حظ من صاحبوك عن قرب واستمتعوا بهذا الكنز من الصفات النفسية. كم أتمنى أن يشيع نصف صفاتك بيننا، وهو أمر إن حدث لحول الأرض إلى فردوس سماوى، فالحياة لا تستقيم فقط بالأفكار والنظم والقوانين ولكن أيضاً بل وأولاً بالطباع القويمة الصالحة لدى الناس، التى تدفعهم إلى التقوى واستقامة السلوك حتى لو غابت عيون الرقابة والقانون عنهم.
عندما كنت فى المسجد ذكرنى الوزير مصطفى عبدالقادر بورشة العمل، التى شاركنا فيها منذ عامين حول ظاهرة الكيانات الموازية والعشوائية فى مصر، وقال إنه جاء إلى العزاء وهو يحمل فى ذاكرته البصمات الفكرية العميقة، التى تركتها فى المناقشة عندما صافحت جلال عارف تذكرت لقاءنا الأول منذ عقدين تقريباً فى مكتب اللواء سامى خضير، محافظ بورسعيد الأسبق، مع محمود ياسين وسكينة فؤاد عندما دعا أبناء المدينة المغتربين المشتغلين بالثقافة والفن للمساهمة فى تنشيط الحياة الثقافية فى بورسعيد. يومها لاحظنا أن اقتصاد المنطقة الحرة يوفر للبعض فرصاً للثراء السريع من النشاط التجارى، ولكنه يخلق بين هؤلاء المحظوظين وبين بقية شرائح المجتمع فجوة عميقة تظهر على نحو خاص فى بؤس الموظفين، الذين هم عماد الإدارة فى الدولة.

كانت أفكارك حول العدل الاجتماعى مغموسة فى طباعك الحنون الراقية وفى عواطفك العطوف على الناس. دعنا عزيزى محمد ننظر فى الصفات التى أطلقها عليك الكتاب فى مناسبة رحيلك فيما يتصل بأدائك الفكرى. قالوا عنك: مفكر مبدع وفيلسوف ومفكر مستنير وباحث متعمق وصاحب أفق موسوعى ومكتشف للأفكار الخلاقة ومحارب من أجل الديمقراطية والحريات العامة ومدافع عن حقوق الإنسان وباحث مجيد فى هذه الحقوق ومناضل من أجل العدل الاجتماعى.
إنها مجموعة صفات تجسد تطلع الكتاب، الذين كتبوا عنك إلى نموذج مفكرى عصور النهضة، وترمز إلى حنينهم لتكرار هذه الصفات الفكرية السامية فى علماء وباحثى مصر مرة آخرى لو توفرت نصف صفاتك هذه فى جموع الباحثين فى وطننا لقفزت مصر خطوات واسعة فى مجال البحث العلمى والتعليم وللحقت بركب التقدم المعاصر بأسرع مما يتوقع أحد. هنا أيضاً لا ننسى دور النظم والبرامج فى تفعيل المواهب وقوى الإبداع فالصفات الشخصية ضرورة وكذلك الإطار والتنظيم لأحداث النهضة العلمية.
لقد طالب أحد الكتاب فى «الأهرام» بضرورة تكريمك بطريقتين الأولى توثيق أعمالك وإعادة نشرها، والثانية وضع اسمك على إحدى قاعات «الأهرام» التى ملأتها فكراً وعلماً، أعتقد أن هذين المطلبين سيجدان طريقهما للتنفيذ العاجل ذلك أن كوكبة باحثى «الأهرام» التى اصطفت لتلقى عزاء مصر فيك لديها الألمعية والقدرات الخلاقة لتكريمك على نحو يجعل من أعمالك الفكرية جذوة متقدة وعلماً ينتفع به يصلك بالدنيا وينفعك عند ربك.

إن جذوة البحث عن العدل الاجتماعى التى أشعلتها برحيلك ستكون عوناً لنا على إقناع فلاسفة مصر الرأسمالية بأهمية العدالة الاجتماعية كطوق نجاة للنظام الرأسمالى نفسه، فمن ذلك الباحث الرشيد الذى يستعصى عليه أن يدرك أن اعتبارات الأمن القومى للوطن بجميع طبقاته وبحكامه ومحكوميه تقتضى توفير إحساس عام لدى الشعب بالرضا الداخلى عن الإدارة والحكم.
لا أظن أن أحدا واعياً بمصالح الترابط الاجتماعى يمكن أن يتجاهل أهمية توفير أداء عام يقنع الناس بأن الحكم لا يدخر وسعاً فى الوفاء بمسؤولياته الاجتماعية وتلبية حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية بدءاً بتوفير فرص العمل والحصول على أجر عادل عن العمل يكفى لمتطلبات المعيشة الكريمة ومروراً بتوفير الخدمات التعليمية والطبية والسكنية والغذائية وخدمات النقل بدرجات مقبولة من الكفاءة واليسر والأمان.

عزيزى محمد لقد أسعدنى أن كتب أحد الكتاب أنك يسارى رفض هيمنة الفكر السوفيتى فهذه إشارة إلى النزعة الوطنية الصافية فيك وإذا كنت قد بحثت عن المعادلة الجامعة بين العدالة الاجتماعية والحريات فإن بحثك يعنى أنك ترفض التسلط والاستبداد حتى لو جاء باسم الطبقات العريضة وتحت شعارات العدل الاجتماعى، وأنك فى ذات الوقت ترفض أن تكون الحريات بابا للتطرف الرأسمالى الذى يلتهم العدالة الاجتماعية وينتهك حقوق الجموع الشعبية.. ويهدد أمن الوطن.
عزيزى محمد ما زال لقاؤنا الأخير منذ عام فى عيادة طبيبى الذى نصحتك بأخذ رأيه فى ذاكرتى كانت معك زوجتك الكريمة الأستاذة نور الهدى، وعندما اكتشف الطبيب أن أخطاء سابقة فى علاجك قد تسببت فى تفاقم المرض، وأنه لابد من سفرك إلى باريس احتضنتك مؤكداً لك فى يقين أنك ستعود لتملأ حياة مصر بالمحبة والحيوية. وها أنت حقاً تفعل هذا.. رحمك الله عزيزى.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
د. فرغلى هارون
المدير العـام

د. فرغلى هارون


ذكر عدد الرسائل : 3278
تاريخ التسجيل : 07/05/2008

وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد   وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد Empty20/10/2009, 9:58 am


مات مرفوع الرأس
بقلم: د. عمار على حسن

المصرى اليوم عدد ٢٠/ ١٠/ ٢٠٠٩
مات محمد السيد سعيد واقفا، كنخلة سامقة باسقة، لم يركع ولم يخضع، بينما انحنت أعواد البوص الهشة من حوله حين هزتها ريح المنافع والمخاوف والمطامع. كان وردة بين الأحراش، ونسرا مجنحا بين طيور مهيضة، وخيط نور يرقص بهجة وسط سواد حالك يلف أيامنا، وخلية حية من خلايا قليلة بين أجساد أخمدها اليأس، وجثث تعفنت من فرط انتظار الفتات، الذى يجود به السلطان.


مات معمل الأفكار المتنقل، والفيلسوف العظيم. انطفأت الشمعة التى ظلت تحترق على مهل، وفى صبر، من أجل أن تمنحنا أى مسارب نعبر بها صحراء الوطن التى اتسعت حتى كادت أن تسد أمامنا الأفق. كان يبصر ما لا يراه من عميت أبصارهم، ويستشعر ما يغفل عنه من فسدت أذواقهم، ويدرك ما يستغلق على أفهام المتعجلين.
مات الرجل المتواضع، الذى كان رأسه يتطامن من ثقل ما يحمله من علم موسوعى عميق. سكنت النفس التى كان باطنها من فرط حب الوطن والشوق إلى المعرفة يغلى كبركان، وظاهرها هادئ كماء جدول رائق. استراح العقل الذى لم يكف يوما عن معاندة السائد والبائد، وكسر المألوف، بحثا عن الجواهر الخالصة التى ينهض على أكفها بلدنا العظيم، وتنتصب بها ظهور أهله المكدودة، التى يحاول أن يكسرها الفاسدون المستبدون.

مات الرجل الذى عشق التضحية فى سبيل أفكاره ومبادئه وأصدقائه وأحلامه العريضة، قديما أراد أن يشعل النار فى جسده أمام جامعة القاهرة فى مظاهرة مشهودة حتى يصل صوت رفاقه إلى السلطة المتلكئة فى تحرير الأرض والانتصار للكرامة، وأخيرا خاض مغامرة «البديل» رغم تحذيرات كثيرين له بصعوبة التجربة، وتأثيرها السلبى على مشروعه الفكرى الخلاق، لكنه آثر أن يفتح ثغرة فى جدار أصم، متعاليا ومتساميا عن مصلحته الشخصية، ومنحازا بكل كيانه إلى ما عليه من واجب حيال تيار سياسى وفكرى انتمى إليه، وأخذ منه وأعطاه.
ومهما قيل عن محمد السيد سعيد اختلافا وائتلافا فإن هناك أمرين هما أكثر ما يلفت الانتباه فى مشروعه الفكرى، الأول هو: تمييزه الرائق بين ما هو علم وما هو فكر، مع جمعه المحكم لهذين المسارين من دون خلط ولا التباس، وهى مسألة ليست بالهينة حال تحليل ما تنتجه الأقلام العربية فى اللحظة الراهنة.
أما الثانى فهو تخلصه من عوار الأيديولوجيا وعيوبها وثقوبها وتبنيه نسقا قيميا تتجاور فيه الحرية الناجعة مع العدالة الناجزة والمساواة غير الحسابية، ثم تتفاعل وتتماسك لتشكل إطارا محكما يرجع إليه ويقاس عليه. وفى رحلته تلك التى اتسمت بنقد صارم للذات ووعى كامل بالعالم حافظ أستاذنا على انحيازه للبسطاء، ومقاومته للفساد والاستبداد، وسعيه الدائب إلى كل ما يدفع الأقدام إلى الأمام.
لقد عرفت الدكتور محمد السيد سعيد فى ميعة الصبا حين قرأت كتابه «الشركات عابرة القومية» فأسرتنى إحاطته، وقدرته على التحليل العميق، الذى يلتف حول الظاهرة، ثم يقتحمها بحثا وفحصا، فلا يترك شاردة ولا واردة، بوسعه أن يصل إليها إلا التقطها، واستخدمها على أكمل وجه.

ورحت أتابع كتاباته فى مجلة «السياسة الدولية» لا يفوتنى منها شيء، حتى رأيته يتحدث ذات مرة فى مؤتمر لمركز البحوث والدراسات السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، نقطة النور التى غمرتنى بفضل لا ينقطع، فتعجبت وتساءلت: كيف لصاحب هذا الأسلوب العميق أن يخفض رأسه، ويزاور بعينيه عن متابعيه خجلا.
يبدأ كأول المطر، قطرات متقطعة تحسبها عارضة، ثم ينهمر بعدها شلال من المفاهيم والمصطلحات والجمل والعبارات التى صكها عقل متوقد، وفؤاد طروب بحب الوطن. ومرت الأيام فكانت لنا لقاءات بمكتبه فى الأهرام أو بنقابة الصحفيين أو على هامش المؤتمرات والندوات، فوجدت فيه أستاذا مكتملا، وإنسانا نبيلا، يتبع قوله عملا، ويطابق مخبره مظهره، ويتسع قلبه للناس جميعا.
ما وجدته حانقا إلا على جاهل متنطع، ولا غاضبا إلا من مستبد ظالم، قلت له مرة ونحن نجلس متجاورين بالطائرة عائدين من أبوظبى إلى القاهرة: أنا عاتب عليك. فرفع رأسه مبتسما، وسأل: لم؟ فقلت: دراساتك ومقالاتك النظرية العميقة التى تناثرت على صفحات جرائد ودوريات هنا وهناك، جديرة بأن تجمع فى كتب، إنها خلاصات تجربتك التى زاوجت فيها بين النظرى والتطبيقى، وبها من المعارف والمعانى والقيم ما لا يجب أن يضيع. واتفقت معه أن أتسلمها منه على ديسكات، وأتولى وأحد أصدقائى، مسؤولية تصنيفها إلى موضوعات متجانسة، تجمعها سلسلة من الكتب، يصدرها مركز الأهرام، أو غيره.

لكن الظروف لم تسمح بأى خطوة لتنفيذ هذا الوعد، فالأستاذ الكبير ذهب إلى باريس ليخوض معركته الأخيرة، بصبر وكبرياء، ولما عاد حال بيننا هادم اللذات ومفرق الجماعات، وما لا يفلت منه إنسان، لكن بقى الوعد فى عنقى ديناً له، وفى ذمته واجب علىّ.
أستاذنا ارقد بسلام حيث الرحمة والعدل فى رحاب ذى الجلال، فغدا سنترك ما خوله لنا الله وراء ظهورنا، ونأتى إليه فرادى مجردين، لا حول ولا طول، لا قوة ولا جاه، وهناك سنعرف أن رب العزة لا يضيع أجر من انحازوا إلى الحق والحقيقة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://social.alafdal.net
 
وفاة المفكر المصري د.محمد السيد سعيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» د. محمد السيد سعيد يكتب عن: التدين والتقدم
» مؤلفات المفكر الجزائري محمد أركون
» المفكر المغربي محمد عابد الجابري في ذمة الله
» الراحل المفكر و الباحث في التاريخ الاسلامي محمد أركون
» مؤلفات الدكتور محمد سعيد رمضان البوطى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
إنســـانيــات .. نحـو عـلم اجـتماعى نـقدى :: 
منتدى الخدمات العامة لجميع الباحثين
 :: 
ســــير وأعــلام وتراجــم
-
انتقل الى: